إذا نفل الامام السرية استوى الفارس والراجل في النفل الا ان يفضل بعضهم بالغنيمة فيستحق قدر المسمى لان النفل شئ يوضح لهم الامام باعتبار بلادهم وغناهم فتعين في النفل اطلاق القسمة وكذلك الغنيمة وهذا لو قال من قتل قتيلا فله سلبه نفله فارس وراجل تساويا في سلب وكذا لو بعث الأمير قوما من أهل الذمة سرية ونفل لهم الربع مما أصابوا اشتركوا فيه بالسوية كما في حق المسلمين. الخامس: لو بعث الامام سريته عليهم أمير ونفلهم بالثلث بعد الخمس ثم إن أمير السرية نفل يوما منهم لفتح الحصن أو للمبادرة بغير إذن الإمام نظر فان نفلهم من حصة السرية أو من سهامهم بعد النفل جاز ولو لم ينفلهم من سهم العسكر لم يجز لأنه أمير على السرية لا على العسكر فينفذ بتقبله على السرية فما هو حقهم لا على العسكر وهذا إذا خرج الجيش مع السرية اما لو لم يخرج الجيش جاز بتقبله لان الغنيمة كلها للسرية ولا يشاركهم الجيش لاختصاص السرية بالنصاب والجهاد. السادس: لو بعث أمير السرية من سريته ونفل لهم أقل من النفل الأول أو أكثر فهو جايز من حصة أصحاب السرية لان حصة العسكر على ما تقدم الا ان يكون أمير العسكر إذا له في التنفل فصح يكون ثانيا عن الأمير فنفله جايز للسرية الثانية في خمس العسكر وجاز نفل السرية الثانية انهم بمنزلة سرية صدرت من جيش في دار الحرب وقد نفلهم أمرهم. السابع: لو قيد رجل من السرية فقام هناك بعضهم لطلبه وبعضهم ذهب حتى أصاب الغنايم ثم رجعوا إلى أصحابهم ووجدوا المقصود فكلهم شركاء في النفل لأنهم فارقوا العسكر حملة أو حرزوا المصاب بالعسكر فكانوا بمنزلة ما لو باشر القتال بعضهم وبعضهم كان ردا لهم ولو أصاب الرجل المقصود غنايم والذين أقاموا انتظار ه غنايم والسرية لذلك ثم العفو بالفعل من جميع ذلك بينهم بالسرية كما لو لم يعترفوا لأنهم أشركوا في احراز المصاب بالعسكر ول ان السرية (قسمت) سريتين وبعدت إحداهما عن الأخرى بحيث لا يقدر أحدهما على عون الأخرى ثم أصابت كل سرية غنيمة أو أصابت إحديهما دون الأخرى فالنفل من جميع ذلك بينهم بالسوية ولو لم يلتفوا الا عند العسكر فلكل فريق النفل لما أصابوا خاصة ولو أصابت السرية الغنايم ثم لم يقدروا على الرجوع إلى العسكر فخرجوا إلى دار الاسلام من موضع اخر قيل يكون الغنيمة كلها لهم يقسم على سهام الغنيمة لأنهم يفردوا بالاحراز إلى دار الاسلام وهو سبب في التملك وإذا صارت الغنيمة كلها لهم بطلب التنفيل. الثامن: لو قال الامام من اخذ شيئا فهو له فللشافعي قولان أحدهما الجواز وبه قال أبو حنيفة والثاني لا يجوز قال الشافعي في الأم ذهب بعض الناس إلى جوازه ولا أرى في الأثر ما يدل عليه ولو ذهب إليه ذهب كان له تأويل احتج أبو حنيفة بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال يوم بدر من اخذ شيئا فهو له احتج الشافعي بان من أجاز ذلك أسقط حق أهل الخمس من خمس جزء من الغنيمة لم يجز للامام ان يشرط اسقاطه كما لو شرط الغنيمة لغير الغانمين وأجاب عن الحديث بان غنايم أهل بدر لم يكن للغانمين وانما نزلت الآية بعدها ولهذا قسم رسول الله صلى الله عليه وآله لمن لم يحضرها. مسألة: لو بعث سريتين أحدهما عنه والأخرى بسره ولعل إحديهما الثلث والأخرى الربع فما أصابوا كان جايزا الا ان السبيل للترغيب وهو يختلف باختلاف الطريق في القرب والبعد والعفونة والخوف والأمن واختلاف المبعوث إليهم في القوة والضعف فجاز تفاوتهم في النفل نظرا إلى المصلحة إذا ثبت هذا فلو ذهب رجل ممن بعثه الامام في سرية الربع مع سرية الثلث قيل لا شئ له لأنه خرج في السرية التي خرج عنها بغير إذن الإمام والتي اذن له بالخروج فيها لم يخرج واستحسن أبو حنيفة ان يجعل له مع سريته الثلث مقدار ما سمي من له وهو الربع اما لو ضل رجل من إحدى السريتين الطريق ووقع في السرية الأخرى فذهب معهم فأصابت الغنيمة فالوجه ان يشاركهم فإن كان ممن جعل لهم الامام الثلث أو الربع اخذ من السرية التي وقع فيها لا من التي خرج معها. مسألة: لو بعث الامام سرية ونفلهم الربع ثم أرسل أخرى وقال لهم الحقوا بأصحابكم فما أصبتم فأنتم شركاؤهم فلحقوا السرية الأولى وكانوا قد غنموا معهم غنيمة أخرى جميعا فنفل الغنيمة الثانية لهم جميعا و هل الغنيمة الأولى للسرية الأولى لان حق المنفلين يتأكد في المصاب فلا يثبت حق للسرية في الغنيمة الأولى فلا يملك الامام اشتراك الثانية فيما أصاب الأولى لأنه يتضمن ابطال حق المتأكد وحق السرية الأولى لم يثبت على وجه الخصوص في الغنيمة الثانية حتى لحق بها الثانية لن يثبت حق السريتين بإصابتهما فصح الاشتراك هذا إذا أخرت السرية الثانية عن الأولى بالتنفيل أو اخر معظمهم أو أميرهم لحق بها الثانية ولو لم يخيروهم قال أبو حنيفة تكون الغنيمتان للأولى لان الشركة مشتمل على الضرر والغرور بالأولى فلا يصح الا بعد العلم.
مسألة: ذكر ابن الجنيد قال لو غنمت السرية المنفلة فأحاط بها العسكر فاتخذهم المسلمون شركوهم في النفل ما لم يحرروه في العسكر. فرع: قد بينا انه يصح التنفيل المجهول فلو قال للامر من جاء بشئ فله منه طائفة فجاء رجل بمتاع نفله الامام على ما يراه من المصلحة ولو قال من جاء بشئ فله منه قليل أو يسير أو شئ منه فله ان يعطيه ممن أصاب أقل من النصف لان القليل واليسير يتناول ما دون النصف لان نصفه ما يكون يسيرا وكذا الشئ ويفهم من الغالب العلة كما لو قال قليلا ولو قال من جاء بشئ فله جزؤه فله ان ينفله النصف وما دونه دون ما فوقه لان الجزء اسم للبعض منه إلى النصف يقال جزء من جزئين ويقال الأكثر من النصف جزءان من ثلاثة فدل على أن ما زاد على النصف لا يكون جزءا له ولو قال من جاء بشئ فله سهم رجل كان له ان يعطيه سهم راجل للفارس لأنه المتعين.