اجماعا ما لم يقم دليل على تخصيصه اما الشافعي فقد احتج على قوله بما رواه عمر ان رسول الله صلى الله عليه وآله بعث سرية فيها عبد الله بن عمر فغنموا إبلا كثيرة فكانت سهامهم اثنى عشر بعيرا ويعلو بعيرا بعيرا ولو أعطاهم من أربعة الأخماس التي هي لهم لم يكن نفلا وقال من سهامهم قيل عليه ان هذا حجة عليه لان بغير اثنى عشر يكون جزء من ثلاثة عشر وخمس الخمس جزء من خمسة وعشرين وجزء من ثلاثة عشر أكثر فلا يتصور أحد الشئ من أقل منه ويحققه ان الاثني عشر إذا كانت أربعة أخماس فالبعير منها ثلث الخمس فكيف يتصور اخذ ثلث الخمس من خمس الخمس وهذا محال فيعين ان يكون ذلك من غيره وبالجملة فالذي ذكره الشافعي مستنبط محتملا فلا يعارض الظاهر. مسألة:
وانما يستحق هذا النفل بالشرط السابق فلن لم يكن الامام أو الوالي على الجيش شرط نفلا لم يكن لاحد فضل عن سهمه لان الأصل مساواة غره له وانما يسوغ للامام السبيل مع الحاجة إليه وهو ان يكون بالمسلمين قلة وبالمشركين كثرة ولهم شوكة فيشترط الامام لمن ينفل مصلحة تحريضا لهم على القتال ولو كانوا مستظهرين عليهم فلا حاجة به فان أكثر مغازي رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكن فيها أنفال فعليه انه انما ينفعل ذلك عند الحاجة ولا من سهم المصالح فلا يدفع الا عند المصلحة فإذا رأى الامام أن لا ينفل فعل وان رأى أن ينفلهم دون الثلث والربع فله ذلك اجماعا لأنه جاز له الترك التنفيل مطلقا جاز ان يجعل لهم شيئا يسيرا وهل يجوز له ان ينفل أكثر من الثلث والربع قال الشافعي نعم يجوز ذلك وقال الأوزاعي لا يجوز وهو قول مكحول وأكثر الجمهور واحتج الشافعي بان النبي صلى الله عليه وآله نفل مرة الثلث ومرة الربع وفي حديث ابن عمر نفل نصف السدس هذا يدل على أنه ليس للنفل حد لا يتجاوزه الامام فيكون ذلك موكولا إلى نظر الامام واحتج المانعون بان نفل النبي صلى الله عليه وآله انتهى إلى الثلث فينبغي أن لا يتجاوز واحتجاج الشافعي غير ناهض لأنه دل على أنه ليس لأهل النفل حد وانه يجوز ان ينفل أقل من الثلث والربع وهو وفاق ومع ذلك فان قوله ناقض إلى من خمس خمس. مسألة: ولو شرط لهم الامام زيادة على الثلث رووا إليه على القول ولزم الوفاء به على قول الشافعي إذا ثبت هذا فقد قيل في البداءة والرجعة تأويلان أحدهما ان البدئة أولى سيرته و الرجعة الثانية والثاني ان البدئة السرية عند دخول الجيش إلى دار الحرب والرجعة عند دخول الجيش وهو أظهر الوجهين وانما زادهم في الرجعة للمشقة فان الجيش في البداءة رد للسرية به بايع لها والجيش مستريح والعدو خائف وربما كان عاد أو في الرجعة لا رد للسرية لانصراف الجيش والعدو مستيقظ على حد وإذا عرفت هذا فإنه كما يجوز التنقل للسرية كذا يجوز لبعض الجيش لئلا به أو لمكروه ويحمله دون سائر الجيش فلو بعث الامام سرية فبعضهم مالي يسير وبعضهم مم لا نصيب كان للوالي ان بعض الدين جاؤوا بشئ دون الآخرين مع الشرط وقال احمد هنا يجوز من غير شرط والوجه الأول. مسألة: ولو قال الأمير من طلع هذا الحصن أو هذم هذا الطود أو نقب هذا النقب كذا فله كذا أو من جاء بأسير فله كذا فهو جايز في قول عامة العلماء ذكره مالك ذلك ولم يره وقال لا يقل الا بعد احراز القسمة لما قوله عليه السلام من قتل قتيلا فسلبه فلان فيه مصلحة وتحريضا على القتال فكان جايزا كاستحقاق الغنيمة وزيادة السهم للفارس واستحبين؟؟ الثلث احتج مالك بان القتال هذا الوجه انما هو للدنيا ولان النبي صلى الله عليه وآله انما قال من قتل قتيلا فله سلبه بعد أن يرد القتال وأحرزت الغنايم والجواب عن الأول بأنه منقوض بالسلب واستحقاق السهم من الغنيمة سهم الفارس وعن الثاني ان قول النبي صلى الله عليه وآله ذلك ثابت الحكم فيما يأتي من الغزوات بعد تلك الغزاة التي وقع القول فيها. مسألة: قد بينا انه انما يجوز التقبل في موضع الحاجة وان المصلحة للمسلمين معتبرة فان لم يكن فيه فايدة للمسلمين لم يجز لأنه انما يخرج على وجه المصلحة فاعتبرت الحاجة فيه كأجرة الجمال والحافظ إذا عرفت هذا فنقول ان النفل لا يختص بنوع من المال وقال الأوزاعي لا نفل في الدراهم والدنانير لان القابل لا يستحق النفل فيها وكذا غيره والوجه الأول اما تقدم من أن النبي صلى الله عليه وآله جعل لهم الثلث والربع وهو عام في كل مغنوم ولأنه نوع من المال فجاز التنفيل منه كغيره من الأموال وحجته ضعيفة لان المقاتل انما نفل السلب وليس الدراهم والدنانير من السلب فلهذا لم يستحق غير ما جعل له. فروع: الأول: لو قال من رجع إلى الساقة فله دينار جاز لان في الرجوع إليهم منفعة وكذا لو قال من يعمل في سياقة الغنم فله دينار نظرا إلى المصلحة. الثاني: لو نزل الامام والجيش في قرية و معهم الدواب والسبي والمتاع ومنه الناس من جمعهم الكسل من غير خوف من العدو فقال الامام من جاء بعشرة أثواب فله ثوب ومن جاء بعشرة رؤوس فله رأس فالوجه الجواز نظرا إلى المنفعة بالجمع. الثالث: لو بعث سريه ونفلها الثلث أو الربع فدفع النفل إلى بعضهم وخصه به أو جاء بعضهم بشئ فخصه به ونفله به ولم يأت بعضهم بشئ فله ينفله قبل شارك من نفل لان هؤلاء انما اخذوا بقوة هؤلاء ولأنهم استحقوا النفل على وجه الإشاعة بينهم بالشرط السابق فلم يختص به واحد منهم كالغنيمة اما لو خص بعض الجيش بنفل لغاية أو يجعل له فان يقول من جاء بعشرة أرؤس فجاء واحد منهم بعشرة دون الجيش فإنه يختص بالنفل دون غيره لان النبي صلى الله عليه وآله لما خص القاتل بالسلب اختص به لأنه جعل تحريضا على القتال وحثا على فعل ما يحتاج المسلمون إليه ليحل كفلة فعله رغبة فيما جعل له فلو لم يختص به فاعله ما خاطر بنفسه في فعله وانتفت المصلحة بالنفل فوجب الاختصاص بالفاعل لذلك ينفله فاختصاصه بثواب الآخرة. الرابع: