لكل أجير بقدر علمه فقال بعض الشافعية انما أوجبناه وصحا لما وإياه من المصلحة ومنهم من قال إنها اجره لان المسافة لابد منها لتوصل بها إلى النسك ويجب عليه فعلها وقد يلزمه المؤنة الكبيرة إذا قصد ذلك من المواضع المتباعدة ورد عليهم الأولون بان الأجرة انما يقابل المقصود بها والأفعال الواقعة عن المستأجر واما التسبب إلى ذلك فلا كما لو استأجرت للبناء أو الحفر فقرب إليه آلتهما ولم يبين ولم يحفر فإنه لا يجب له من الأجرة شئ وان مات بعد اكمال الأركان وبقي عليه الرمي والمبيت فإنه يلزمه الجيران وهل يسقط بشئ من الأجرة بقدر ما ترك فيه طريقان أحدهما يجب قولا واحد والثاني قولان ولو مات بعد أن فعل ركني الاحرام والوقوف وبقي عليه الطواف والسعي فهل يستحق شيئا من الأجرة اختلف قول الشافعي فيه على قولين أحدهما يستحق الأجرة لأنه استأجره بعمل معلوم فعمل بعضه فاستحق بقدر ما عمل كما لو استأجره لنا عشرة أذرع فعمل بعضها والثاني لا يستحق شيئا لان ما أتى به لا يسقط عنه الفرض فلا يستحق به اجره كمن استأجر رجل ليرد عبده الآبق فرده إلى بعض الطريق ثم هرب منه بخلاف ما إذا عمل بعض البناء لانتفاعه به وهذا ليس بجيد لان لأولئك ان يقولون قلنا بالبناء فقد حصلت الفايدة بالعمل وهو سقوط الأفعال المتقدمة وإن لم يقل به فقد حصلت فايدة الثواب قالوا فان قلنا لا أجرة فلا بحث ان أوجب الأجرة على أفعال الاحرام أو على ذلك مع غيره اختلفوا فقال بعضهم يقسط على العمل والمسير وان كان المسير بانفراده لا يقسط عليه لأنه هنا تابع للأفعال ويجوز ان يتناول العقد شيئا على وجه التبعية لغيره وان كان لو انفرد لم يصح كأساس الفايت فإنه يصح بيعه مع الدار تبعا وإن لم يصح بانفراده وكذا طي الابار ومنهم من قال يقسط على الأعمال لأنها المقصودة بخلاف السبب إليها ولو قابله عوض لكان إذا انفرد تعلق به عوضه وقال أبو العباس ليست على قولين بل الموضع الذي قال فيه بالتقسيط على العمل خاصة انما هو فيما إذا استأجره ليحصل له حجة ولم يعين المسير من بلده والموضع الذي قال فيه بالتقسيط على العمل خاصة انما له حجه وقال يقسط على السير فيما إذا استأجره ليحصل له حجة من بلده ثم اختلف قول الشافعي فقال في الجديد لا يبني على ما فعله الميت بل يستأنف لأنها عبادة يتعلق أولها بآخرها فلا يصح البناء عليه كالصوم والصلاة ولأنه لو جاز ذلك لجاز ان يستأجر ابتداء شخصي يفعلان الحج وقال في القديم يبنى عليه فان المقصود وجود الأفعال الصبي يحرم عنه وليه ويأتي هي بما يتمكن من الأفعال ويأتي الولي بالباقي ثم فرغ أصحابه على قوليه فقالوا ان قلنا بالجديد فان كانت الإجارة متعينة بفعله بطلت ورد الأجرة على ما ذكرنا وان كانت في الذمة فإن كان وقت الحج باقيا بان يموت قبل فوات الوقوف استأجر ورثته من يحج في هذه السنة عن المستأجر فإن كان قد مات قبل وقت الوقوف فان الحج يتأخر إلى السنة الثانية فان اختار المستأجر فسخ لإجارة فعل لتأخرها عنه وان اختار اقرارها استؤجر عنه في السنة الثانية من يحج عنه من مال الموروث فان قلنا بقوله القديم فان كانت الإجارة معينة فسدت بموته ويكون المتولي لاتمامها المستأجر فيستأجر من يتمها وان كان قبل الوقوف استأجر من يحرم عنه من مكانه ويقف ولا يجب الدم لأنه بناء على احرام أتى من الميقات وسقوط الدم هو الفرق هنا بين القولين فان على قوله الجديد إذا أحرم من مكانه وجب الدم لان الاحرام لزم عنه من الميقات وان مات بعد الوقوف فالمستأجر يستأجر من يكمل الحج على ما يأتي بيانه وان كانت الإجارة في الذمة فان ورثة الأجير يقيمون النسك فإن كان مات قبل الوقوف استأجروا من يحرم ويقف ويتم الحج وان كان بعد الوقوف فكذلك وان كان وقت الوقوف باقيا وقد وقف الأول محرم ولا يقف ويأتي الباقي إذا ثبت هذا فإن كان وقت الوقوف باقيا فان الثاني يحرم بالحج لان وقت الحج باق وان كان قد فات زمان الوقوف فقد فات وقت له الحج فظاهر قوله في القديم انه يحرم بالحج واختلف أصحابه فيهم من قال يحرم بالحج وقال أبو إسحاق محرم بالعمرة ويأتي بالطواف والسعي ولا يأتي بالرمي لأنه ليس في العمرة رمى قال لان زمان الحج قد فات ولا يجوز الاحرام بالحج قبل أشهره قال أبو حامد القول الأول يضعف لهذا الوجه وما قال أبو إسحاق أفسد لأنه يأتي بطواف العمرة ولا يقع عن الحج أجاب الأولون بان منذ الاحرام يبنى عن احرام ابتداه في أشهر الحج وانما لا يجوز ابتداء للاحرام في غير أشهر الحج ولان هذه الاحرام تابع للأفعال وهذه الأفعال الباقية يجوز في غير أشهر الحج ويلزم ابا اسحق أن يقول إنه إذا أحرم بالحج ووقت الوقوف لان احرام الحج يوجب ذلك وهذا الفروع كلها ساقطه عندنا لأنا قد بينا انه إذا مات بعد الاحرام ودخول الحرم أجزء عن المنوب عنه فاستحق الأجرة بكمالها وان مات قبل ذلك لم يجز عنه وهل يستحق الاجر شيئا على ما تقدم من التردد وانما طولنا في هذا النقل عن الشافعية لما فيه من المباحث المفيدة مسألة لو صد الأجير عن بعض الطريق قال الشيخان (ره) كان عليه ما اخذ بقدر نصيب ما بقي من الطريق الذي يؤدي فيه الحج الآن ان يضمن العود لأداء ما وجب ونحن نقول إن كانت الإجارة وقعت على حجة في الذمة من غير تعيين الوقت واجب عليه الاتيان بها مرة ثانية ولم يكن للمستأجر فسخ الإجارة وكانت الأجرة بكمالها للأجير وان كانت معينة فإنه رجع عليه بالمتخلف ولا يجب على المستأجر الإجارة في قضاء الحج ثانيا بل له ان يمنح الإجارة واستأجر غيره وله ان يحسبه إلى ذلك لان الإجارة انما وقعت مطلقة استحق المستأجر عليه العمل ولا
(٨٦٤)