الحج على ما ذكرنا ولا حلق عليه ولا تقصير وانما يقصر إذا تحلل بعمرة بعد الطواف والسعي لأنه محرم فينبغي ان يتشبه بمن أدرك المناسك في اللبث بمنى ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل جاء حاجا ففاته الحج ولم يكن طاف قال يقيم مع الناس حراما أيام التشريق والعمرة فيها فإذا انقضت فطاف بالبيت وسعى في الصفا والمروة وأحل وعليه الحج من قابل ويخرج من حيث أحرم وهذه الإقامة ليست واجبا لأنا بينا سقوط بقية أفعال الحج عنه لما رواه الشيخ عن إسحاق بن عبد الله قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل دخل مكة مفردا للحج فيخشى ان يفوته الموضعين فقال له يوما إلى طلوع الشمس من يوم النحر فإذا طاف الشمس فليس له حج فقلت كيف يصنع باحرامه قال ما في مكة فيطوف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة فقلت إذا فعل ذلك فما يصنع بعد قال إن شاء أقام بمكة وان شاء رجع إلى الناس بمنى وليس معهم في شئ فإن شاء رجع إلى أهله وعليه الحج من قابل مسألة وهل يجب على فايت الحج الهدى أم لا فيه قولان أحدهما انه لا يجب قاله الشيخ (ره) وهو قول أصحاب الرأي والثاني يجب عليه الهدى وبه قال الشافعي وأكثر الفقهاء ونقله الشيخ (ره) عن بعض أصحابنا وعن أحمد روايتان لنا ان الأصل براءة الذمة ولأنه لو كان الفوات سببا لوجوب الهدى للزم المحصر هديان هدى بالفوات وهدي بالاحصار ولما تقدم في الروايات السابقة فإنها لا يتضمن ذكر الهدى ولو كان واجبا لبينوه (عل) خصوصا مع الحاجة إلى الجواب عقيب السؤال اما القول الاخر لعلمائنا فقد احتج الشيخ (ره) لما رواه داود بن كثير الرقي قال كنت مع أبي عبد الله (ع) بمنى إذا دخل عليه رجل فقال قدم اليوم نفر قد فاتهم الحج فقال نسأل الله العافية ثم قال أرى عليهم ان يهريق كل رجل منهم دم شاة ويحلق وعليهم الحج من قابل ان انصرفوا إلى بلادهم وان أقاموا حتى يمضى ثلاثة أيام التشريق بمكة خرجوا إلى بعض مواقيت أهل مكة فأحرموا منه واعتمروا فليس عليهم الحج من قابل والاحتياط ولأنه حل من احرامه قبل اتمامه فلزمه هدى كالمحصر والجواب عن الأول انه محمول على الاستحباب والاحتياط معارض بالبراءة الأصلية ويمنع انه حل قبل اتمام احرامه لأنه نقله إلى العمرة والنقل عندنا جايز فيكون قد أحل من احرام تام فلا يجب عليه الهدى فرع لو كان قد ساق هديا نحره بمكة ليقيه لله هذا فلا يسقط الفوات إذا عرفت هذا فنقول ان قلنا بوجوب الهدى فإنه يذبحه في ذلك العام ولا يجوز له تأخيره إلى القابل وهو أحد قولي الشافعي وقال في الأخرى يجوز لنا ان هدى وجب في احرامه فلا يجوز له تأخيره إلى العام المقبل كالمدرك والأفعال الحج ولان الاحتياط يقتضي ذلك ولان الحج واجب على الفور فكذا أفعاله التي من جملتها الهدى فرع لو اخره إلى القابل عصى على القول بوجوبه فإذا قضى وجب عليه ذبيحه ولا ينحره عن هدى القضاء لان القضاء احرام فيجب فيه الهدى لقوله تعالى فما استيسر من الهدي مسألة إذا كان الفايت واجبا كحجة الاسلام أو منذورة أو غير ذلك أو من أنواع الواجبات وجب القضاء ولا يجزيه العمرة إلى فعلها للتحلل وإن لم يكن الحج واجبا لم يجب عليه القضاء وبه قال عطا واحمد في أحد القولين وقال الشافعي يجب القضاء وان كان الحج تطوعا وبه قال ابن عباس وابن الزبير ومروان وأصحاب الرأي وروى عن عمر وابنه وزيد هو الرواية والاخر لمالك واحمد لنا ان النبي صلى الله عليه وآله لما سئل عن الحج أكثر من مرة قال بل مرة واحدة ولو أوجب القضاء أكثر من مرة ما رواه الشيخ عن داود الرقي عن أبي عبد الله (ع) في القوم الذين فاتهم الحج قال ليس عليهم الحج من قابل ولا يمكن كذلك في الواجب فيحمل على النقل ولأنه معذور في ترك احرام حجه فلم يلزمه القضاء كالحصر ولأنها عبادة تطوع فلا يجب قضاؤها مع الفوات الساير العبادات المندوبة احتج المخالف بقول النبي صلى الله عليه وآله من فاته عرفات فقد فاته الحج فليتحلل بعمرة وعليه الحج من قابل ولان الحج يلزم بالشروع فيه فيكون له حكم الواجب والجواب عن الأول انه محمول على الحح الواجب وعن الثاني انه يجب في الشروع ت فيه مع امكان فعله ولا يجوز حمله على الواجب ابتداء للفرق بينها وهو ظاهر إذا عرفت هذا قال الشيخ) (ره) ذكر عقيب حديث داود الرقي تأويلين لاسقاط القضاء من قابل أحدهما الحمل على أن يكون الحجة مندوبة وهو الذي ذهبنا إليه لا يقال لو كان ذلك لما قال في أول الجزء عليهم الحج من قابل إذا انصرفوا إلى بلاد هم فإنه إذا كان الحج تطوعا لا يجب عليه الرجوع من قابل سوا انصرف إلى بلده أو أقام لأنا نقول انما وجب عليهم الرجوع من قابل مع الانصراف لأنهم حينئذ يكونون قد حج تركوا الطواف والسعي والتقصير وهو العمرة التي أوجبنا تحللهم لها فوجب عليهم الرجوع من قابل للاتيان بالطواف والسعي ولا يجب الرجوع لأداء الحج ثانيا والتأويل الثاني ان يكون سقوط الحج لمن اشترط في حال الاحرام فإنه مع الاشتراط لا يجب الحج من قابل ولو لم يشترط وجب واستدل عليه بما رواه عن ضريس بن أعين قال سألت أبا جعفر (ع) عن رجل خرج متمتعا بالعمرة إلى الحج فلم يبلغ مكة إلى يوم النحر فقال يقيم على احرامه ويقطع التلبية حتى يدخل مكة فيطوف ويسعى بين الصفا والمروة و يحلق رأسه وينصرف إلى أهله انشاء وقال هذا لمن اشترط على ربه عند احرامه فان لم يكن قد اشترط فان عليه الحج من قابل والتأويل الأول حق اما الثاني ففي محل التردد لأنا قد بينا فيما سلف ان الاشتراط قد سقط فرض الحج في القابل وحينئذ يقول هذا الحج فايت ان كان واجبا لم يسقط فرضه في العام المقبل بمجرد الاشتراط وإن لم يكن واجبا لم يجب بترك الاشتراط والوجه في هذه الرواية الثانية حمل إلزام الحج في القابل مع ترك الاشتراط على شدة الاستحباب مسألة إذا كان الفايت حجة الاسلام وجب قضاها اجماعا فعندنا على الفور ذهب إليه علماؤنا اجمع
(٨٥٣)