كانت نفلا لم يجب عليه القضاء وقال الشافعي لا قضاء عليه بالتحلل فان كانت حجة تطوع أو عمرة تطوع لم يلزمه قضاؤها بحال وان كانت حجة الاسلام أو عمرة الاسلام وكانت قد استقرت في ذمته قبل هذه السنة فان اخرج منها بالتحلل فكأنه لم يفعلها وكان باقيا في ذمته على ما كان عليه وان كانت وجبت عليه في هذه السنة سقط وجوبها ولم يستقر في ذمته لفقدان بعض شرايط الحج فحينئذ التحلل بالصد لا يوجب القضاء بحال كما ذهبنا نحن إليه وبه قال مالك وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين وقال أبو حنيفة إذا تحلل لزمه القضاء ثم إن كان احرامه بعمرة مندوبه قضاها واجبا وان كان بحجة مندوبة فأحصر ويحلل عليه ان يأتي بحج وعمرة وان كان فرق بينهما فأحصر وتحلل ولزمته حجه وعمرتان عمرة لأجل العمرة وحجة وعمرة لأجل الحج ونحن على مذهبه إذا أحرم بحجتين فإنه ينعقد بهما واما ينتقض عن أحدهما إذا اخذ في السير فان أحصر قبل أن يسير تحلل منها ولزمه حجتان وعمرتان لنا ان الأصل براءة الذمة وايجاب القضاء خلاف له فيفتقر إلى دليل ولم يوجد ولأنه تطوع جاز التحلل منه مع صلاح الوقت فلا يجب قضاؤه كما لو فعل في الصوم يعتقد انه واجب فلم يكن احتج أبو حنيفة بان النبي صلى الله عليه وآله لما تحلل بالحديبية قضا من قابل وسميت عمرة القضية ولأنه حل من احرامه قبل اتمامه فلزمه القضاء كما لو فاته الحج بالافساد والجواب عن الأول ان الذين صدوا كانوا ألفا وأربعمائة من أصحابه محرمين بعمرة فحصرهم العدو فتحللوا فلما كان في السنة الثانية عاد في نفر مصدودين عددا يسيرا ولم ينقل إلينا ان النبي صلى الله عليه وآله امر أحدا بالقضاء ولم ينكر على من يحلف عن مصاحبه وسميت عمرة القضية لأنهم عنو بها العمرة التي جرى فيها قضية الصلح التي اصطلحوا عليها ونقضوا عليها ولو أرادوا غير ذلك لقالوا عمرة القضاء وعن الثاني الفرق فان الذي فاته الحج مفرط بخلاف المصدود مسألة قد بيناه انه إذا كان له طريق آخر غير الذي صد عنه وجب عليه سلوكه إذا كان امنا ولم يجز له ان يتحلل إذ لا فرق بين الطريق الأول والثاني هذا إذا كان الطريق الثاني مساويا للأول في المسافة ولو كان أبعد منه فان لم يكن له نفقه يمكنه ان يقطع بها الطريق الا بعد جاز له التحلل لأنه مصدود عن الأول وعاجز عن سلوك الثاني وان كان معه نفقه يمكنه قطع الطريق الأول بها لم يجز له التحلل ووجب عليه سلوكه ولو خاف في الطريق الثاني انه إذا سلكه فإنه الحج لم يكن له ان يتحلل لان التحلل انما يجوز بالصد لا خوف الفوات وهذا غير مصدود عن الطريق الأول فيمضى في احرامه في ذلك الطريق فان أدرك الحج أتمه وان فاته الحج تحلل بعمرة ووجب القضاء ان كان الحج واجبا والا استحب له القضاء مسألة ولا فرق بين الحصر العام وهو ان يصد المشركون ويصدوا أصحابه بين الخطر الخاص في حق شخص واحد مثل ان يجلس بغير حق ويأخذه اللصوص وحده لعموم النص ووجود المعنى المقتضي لجواز التحلل في الصورتين وكما أنه لا فرق بينهما في جواز التحليل فلا فرق بينهما في وجوب القضاء وعدم وجوبه فكل موضع حكمنا فيه بوجوب القضاء في الصد العام فهو ثابت في الصد الخاص ومالا يجب فيه هناك لا يجب فيه هنا وهو أحد قولي الشافعي وفي الأخرى يجب القضاء لنا ان الأصل براءة الذمة وما تقدم في الخطر العام فإنه آت هنا فروع الأول لو جلس بدين فإن كان قادرا على أدائه لم يكن مصدودا ولم يجز له التحلل ولو كان عاجرا عنه تحلل لأنه مع القدرة لا عذر له فلا يجوز له التحلل ومع العجز يكون مصدودا لإعساره وكذا يتحلل لو حبس ظلما الثاني لو كان عليه دين مؤجل يحل قبل قدوم الحاج فمنعه فصاحبه من الحج كان له التحلل لأنه معذور الثالث لو أحرم العبد بغير إذن سيده أو الزوجة تطوعا بغير إذن زوجها كان للمولى والزوج منعهما من اتمام الحج وتحللا ولا دم عليهما مسألة قد بينا ان حكم العمرة حكم الحج في جواز التحلل وعدمه فكل موضع جوزنا فيه التحلل من احرام الحج فإنه يجوز من احرام العمرة وهو قول أكثر العلماء وحكى عن مالك انه لا يحل من احرام العمرة لأنها لا يفوت وقد سبق البحث فيه وكذا يجوز التحلل لكل مصدود حاج سواء كان قارنا أو مفردا أو متمتعا وقد بينا انه لا يجوز له التحلل الا مع الهدى إذا ثبت هذا فإنه يجوز الذبح وقت الصد ولا يجب الانتظار إلى بلوغ الهدى محله وهو إحدى الروايتين عن أحمد وفي الأخرى لا يذبح حتى يبلغ الهدى محله وهو يوم النحر وإذا لم يجز الذبح لم يجز التحلل واحتج بان للهدى محل زمان ومحل مكن فإذا عجز عن محمل المكان سقط وبقي محل الزمان واجبا لامكانه وهو غلط لان محل الزمان تابع المحل المكان فإذا فات تابعة وأيضا فإنه ربما حصل له ضرر عظيم بالصبر إلى يوم النحر مسألة يستحب له تأخير الاحلال لجواز زوال العذر فإذا اخر فزال العذر قبل تحلله وجب عليه المعنى في تمام نسكه بغير خلاف لأنه محرم لم يأت بالمناسك مع امكانه فوجب عليه اتمامها كالقادر ولقوله تعالى وأتموا ا الحج والعمرة لله وهو قادر إذا لغرض زوال العايق ولو خشى الفوات لم يتحلل على ما قلنا و صبر حتى يتحقق ثم يتحلل بعمرة فلو صابر ففات الج لم يكن له ان يتحلل بالهدى ووجب عليه ان يتحلل بعمرة وعليه القضاء ان كان واجبا وإلا فلا ولو فات الحج ثم زال الصد بعدة قال بعض الجمهور يتحلل بالهدى وعليه هدى آخر للفوات اما الشيخ (ره) فإنه قال إذا لم يتحلل وأقام على احرامه حتى فاته الوقوف فقد فاته الحج وعليه ان يتحلل بعمرة ولا يلزمه دم فوات الحج فروع الأول إذا غلب على ظنه انكشاف العدو قبل الفوات جاز له ان يتحلل عملا بالعموم لكن الأفضل البقاء على احرامه فان انكشف العدو أتم ولو اتفق الفوات أحل بعمرة الثاني لو أفسد حجه فصد كان عليه بدنه ودم التحلل والحج من قابل ولو انكشف العدو في وقت متسع الاستيناف القضاء وجب وهو حج يقضي لسنته وليس مصور القضاء في العام الذي أفسد فيه في غير هذا المسألة ولو ضاق الوقت قضى من قابل وإن لم يتحلل من الفاسد فان زال الصد والحج لم يفت مضى في الفاسد
(٨٤٨)