مالك وأبو حنيفة والشافعي في إحدى القولين وتحرير مذهب الشافعي في هذا الباب ان له قولين أحدهما لا ينقل إلى البدل والثاني وهو الصحيح عندهم ينتقل فإذا قال لا ينقل يكون في ذمته فله في جواز التحلل قولان منصوصان أحدهما انه يبقى محرما إلى أن يهدى والثاني وهو الأشبه وانه يحل ثم يهدي إذا وجد وإذا قال ينتقل قال في مختصر الحج ينتقل إلى صوم التعديل وقال في الأم ينتقل إلى طعام وفيه قول ثالث انه مخير بين الاطعام والصيام وقال أحمد بن حنبل انه ينتقل إلى صيام عشرة أيام لنا قوله تعالى فان أحصرتم فما استيسر من الهدى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله منع من الحلق الا ببلوغ الهدى فلو كان الاطعام والصيام بدلا لجاز الخلاف قبل بلوغ الهدى ولأنه لم يذكر في القران ولو كان له بدل لذكره كما ذكر بدل هدى حلق الأذى احتج الشافعي بالقياس على هدى التمنع والطيب واللباس والجواب النص أولى من القياس إذا ثبت هذا فهل يجب عليه الحلق أو التقصير مع ذبح الهدى أم لا فيه تردد لأنه تعالى ذكر الهدى وحده لم يشترط سواه وقال احمد في إحدى الروايتين لابد منه لان النبي (ص) حلق يوم الحديبية وهو أقوى مسألة قد بينا ان المصدود انما يتحلل بالهدى ونية التحلل وبعض أصحابنا مختص وجوب الهدى بالمحصور لا بالمصدود قال ابن إدريس وهو الأظهر لان الأصل براءة الذمة بقوله تعالى فان أحصرتم فما استيسر من الهدى أراد بالمرض لأنه يقال أحصره المرض وحصره العدو والأقوى وجوب الهدى لأنه محصور بالعدو فكان على الهدى كالمحصور بالمرض ولان النبي صلى الله عليه وآله لما صد بالحديبية وهي اسم نهر خارج الحرم نحر هديه وأحل إذا ثبت هذا فلو كان قد ساق المصدود هديا في احرامه قبل الصد ثم هل يكفيه هدى السياق عن هدى التحلل أم لا فيه قولان أحدهما انه يجزيه ما ساقه عن هدى التحلل لقوله تعالى فان أحصرتم فما استيسر من الهدى وقيل لابد له من هدى آخر للتحلل كما لو لم يسق والأول أقرب مسألة ولا يتعين مكان الهدى لنحر هدى المتحلل في المصدود بل يجوز نحره في يوم الصد سواء كان حلا أو حرما وبه قال مالك والشافعي واحمد في إحدى الروايتين وقال في الأخرى لا ينحر لأنه بالحرم يبعث به ويواطي من يبعثه معه على نحره في وقت يتحلل فيه وبه قا ل ابن مسعود والحسن والشعبي والنخعي وعطا وأبو حنيفة لنا ان النبي صلى الله عليه وآله نحر هديه بالحديبية وهي خارج الحرم وروى النبي صلى الله عليه وآله نحر هديه عند الشجرة التي كانت تحتها بيعة الرضوان وهي من الحل باتفاق أهل النقل قال الله تعالى والهدي معكوفا ان يبلغ محله ولأنه موضع حل فكان له نحره فيه كالحرم ولان ذلك يقضي إلى تعذر الحل لتعذر وصول الهدى محله مع مقاومة العدو ورى ابن بابويه عن الصادق (ع) قال المحصور والمضطر ينحران بدنتهما في المكان يضطر النافية احتج احمد بقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله ثم قالا ومحلها إلى البيت ولأنه ذبح يتعلق بالاحرام فلم يجز في غير الحرم كدم الطيب واللباس والجواب عن الأول ان الآية في حق غير المصدود في الحل وتحلل غيره في الحرم فكل منهما ينبغي ان ينحر في موضع تحلله وقد قيل في قوله تعالى حتى يبلغ الهدي محله اي حتى يذبح وذبح المصدود في موضع الصد وهو موضع حله اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وعن الجواب بالفرق وقد تقدم فرع لو قدر على الحرم هل يجب ان يبعث هديه إليه أم لا فيه تردد لكن لا ريب في الأولوية وكذا لو قدم على أطراف الحرم لان الحرم كله منى مسألة وكما لا يختص النحر بمكان فكذا لا يختص بزمان بل متي صد جاز له الذبح في الحال والاحلال لقوله تعالى فان أحصرتم فما استيسر من الهدى ولم يشترط زمانا خصوصا مع الاتيان بالفاء الدالة على التعقيب وعملا بالعمومات الدالة على النحر مطلقا من غير تقييد بزمان ولأنه وبما احتاج إلى العود لسرعة فلو لم يبلغ ذبحه في الحال لزم الحرج مسألة إذا صد عن الوصول إلى مكة قبل الموقفين فهو مصدود اجماعا يجوز له التحلل وكذا لو صد عن الوقوف بموقفين وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ومالك ليس له ان يتحلل فقام ومنع عن العود إلى منى ورمى الجمار والمبيت بها فإنه لا يحقق الصد بذلك بل قد تم حجة فيتحلل ويستنيب من يرمي عنه ولو صد بعد الوقوف بالموقفين قبل طواف الزيارة لنا عموم قوله تعالى فان أحصرتم فما استيسر من الهدى ولم يفصل وكذا لو منع من إحدى الموقفين قال الشيخ (ره) اما لو صد بعد الوقوف بالموقفين قبل طواف الزيارة والسعي فإنه يتحلل أيضا ان الصد يفسد التحلل من جميعه (؟) والتحلل من بعضه وله ان يبقى على احرامه إذا ثبت هذا فان لحق أيام منى رمى وحلق وذبح إن لم يلحق امر من ينوب عنه في ذلك فإذا تمكن أتى مكة فطاف طواف الحج وسعى وقد تم حجه ولا قضاء عليه هذا إذا بقي على احرامه حتى يطوف ويسعى وإن لم يقم على احرامه ويحل كان عليه الحج من قابل ليأتي بأركان الحج من الطواف والسعي اما لو طاف وسعى ومنع من المبيت بمنى من الرمي فان حجه تام على ما بيناه ولو يمكن ن المبيت وصد عن الوقوف بالموقفين أو عن أحدهما جاز له التحلل وإن لم يتحلل وأقام على احرام حتى فاته الوقوف فقد فاته الحج وعليه ان يتحلل بعمرة ولا يلزمه دم لفوات الحج وهل يجوز له ان يفسخ به الحج ويجعله عمرة قبل الفوات فيه اشكال وقال بعض الجمهور له ذلك لأنا بحياله ذلك من غير صد فمعه أولى ولآدم عليه فرع لو طاف وسعى للقدوم ثم صد حتى فاته الحج طاف وسعى ثانيا للعمرة أخرى ولا يجزي بالطواف الأول وسعيه لان الأول لم يقصد به طواف العمرة لا رميها اما الاحرام فإنه يجري بالأول ولا يجدد احراما آخر وبه قال الشافعي واحمد وأبو ثور ومالك يخرج إلى الحل فيفعل ما يفعله المعتمر وقال الزهري لابد ان يقف بعرفه وقال محمد بن الحسن ولا يكون محصل بمكة مسألة إذا تعلق وفاته الحج وجب على القضاء في العام المقبل ان كان الحج للفايت واجبا كحجة الاسلام والنذر وشبهه وان كان نفلا لم يجب القضاء ذهب إليه علماؤنا وكذا العمرة ان كانت واجبة عمرة الاسلام أو واجبة بنذر وشبهه وجب عليه قضاؤها وان
(٨٤٧)