فاحلق رأسك واغتسل وقلم أظفارك وخذ من شاربك والامر يدل على الثواب بالفعل فيكون عبادة ولان النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (عل) والصحابة داوموا عليه وفعلوه في حجهم وعمرتهم ولو لم يكن نسكا لم يداوموا عليه ولا حلق به في أكثر الأوقات ولم يفعلوا الا نادرا لأنه لم يكن عادة لهم فيداوموا عليه ولا فيه فضل فيتبعوه لفضله احتجوا بما رواه جابر ان النبي صلى الله عليه وآله لما سعى بين الصفا والمروة قال من كان منكم ليس معه هدى فليحل واجعلها عمرة وأمره بالحل عقيب السعي يقتضي عدم وجوب الحلق والتقصير وان ما كان محرما في الاحرام إذا أبيح كان اطلاقا من محظور كساير محرماته والجواب عن الأول ان المعين فليحل بالتقصير والحلق لأنه كان مشهورا بينهم معروفا فاستغنى عن ذكره وعن الثاني ان الحل من العبادة لما كان محرما فيها غير مستبعد كالسلام في الصلاة فإنه محظور ومشروع للحال مسألة وينحر الحاج بين الحلق والتقصير أيهما فعل أجزأه ذهب إليه أكثر علمائنا وبه قال أبو حنيفة وقال الشيخ (ره) ان كان ضروة وجب الحلق وبه قال المفيد (ره) وذهب إليه الحسن البصري وقال الشيخان أيضا من لبد شعره في الاحرام وجب عليه ان يحلق وإن لم يكن ضرورة وبه قال مالك والشافعي والنخعي واحمد واسحق قالوا وكذا لو عقد شعره أو نقله أو عقصه وقال ابن عباس من لبد أو ظفر أو عقد أو قتل أو عقص فهو على ما نوى يعني انه ان نوى الحلق فليحلق وإلا فلا يلزمه وتلبيد الشعر في الاحرام ان يأخذ عسلا أو صمغا ويجعله في رأسه ليلا نقل أو ينسح؟؟ لنا قوله تعالى محلقين رؤوسكم ومقصرين والجمع غير مراد اجماعا فيثبت التخيير وهو ثابت في حق الجميع وما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال (ره) والمقصرين وقد كان مع النبي صلى الله عليه وآله من قصر ولم ينكره (ع) ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الحديبية اللهم اغفر للمحلقين مرتين قيل والمقصرين يا رسول الله قال وللمقصرين ولان الأصل عدم التعيين فلا يصار إليه الا بدليل احتج الشيخان (ره) والمخالفون من الجمهور بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من لبد فليحلق ولما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله (ع) قال على الضرورة ان يحلق رأسه ولا يقصر انما التقصير لمن حج حجة الاسلام وعن بكير بن خالد عن أبي عبد الله (ع) قال ليس للضرورة ان يقصروا عليه ان يحلق وفي الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال ينبغي للضرورة ان يحلق وان كان قد حج فإن شاء قصروا ان شاء حلق قال وإذا لبد شعره أو عقصه فان عليه الحلق وليس له التقصير ولان النبي صلى الله عليه وآله لبد شعره فحلقه والجواب عن الأول انه للندب وعن الثاني ان في طريقه سهل بن زياد وعلي بن أبي حمزة وهما ضعيفان وعن الثالث ان في طريقه أبان بن عثمان وهو واقفي وعن الرابع ان لفظه ينبغي كما يتناول الواجب يتناول الندب والأصل عدم الاشتراك والمجاز فيكون حقيقة وفي القدر المشترك وهو مطلق الرجحان من غير اشعار بخصوصه معينة ونحن نقول به إذا الحلق أفضل وكذا يحمل قوله (ع) فمن لبد شعره أو عقصه ان عليه الحلق وليس له التقصير إذا هذه الصورة قد ترد أيضا في الندب التأكد وفعل النبي صلى الله عليه وآله لا يدل على وجوبه عينا بعد ثبوت التخيير مسألة التقصير وان كان جايزا لما قلناه فالحلق أفضل مطلقا ولا نعلم فيه خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله قال رحم الله المحلقين ثلثا ثم قال والمقصرين وزيادة الترحم يدل على الأولوية ولان النبي صلى الله عليه وآله فعله وروى الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال استغفر رسول الله صلى الله عليه وآله للمحلقين ثلث مرات قال وسألت أبا عبد الله (ع) عن التفث قال هو الحلق وما كان على جلد الانسان إذا عرفت هذا فالحلق اكد فضلا في حق من لبد شعره أو عقصه أو كان من ضرورة من غيرهم لورود التأكيد في حقهم واختصاصهم بالحلق حتى ورد في حقهم في أكثر المواضع بلفظ الواجب أو معناه فروع الأول المراة ليس عليها حلق اجماعا ويجزيها من التقصير قدر الأنملة روى الجمهور عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ليس على النساء حلق انما على النساء التقصير وعن علي (ع) قال نهى رسو ل الله صلى الله عليه وآله ان يحلق المراة رأسها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال تقصر المراة من شعرها لمنعها مقدار الأنملة ولان الحلق في حقهن مثله فلا يكون مشروعا الثاني يستحب لمن حلق ان يبدأ بالناصية من القرن الأيمن ويحلق له إلى العظمين بلا خلاف روى الجمهور عن انس ان رسول الله صلى الله عليه وآله رمى جمرة العقبة يوم النحر ثم رجع إلى منزله بمنى فدعا بذبح فذبح ثم دعا بالحلاق فاخذ شق رأسه الأيمن فحلقه فجعل يقسم بين من ثلاثة الشعيرة والشعرتين ثم اخذ شق رأسه الأيسر فحلقه ثم قال ههنا أبو طلحة ورفعه إلى أبي طلحة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن الحسن بن مسلم عن بعض الصادقين قال لما أراد أن يقصر من شعره للعمرة أراد الحجام ان يأخذ من جوانب الرأس فقال له ابدأ بالناصية فبدأ بها وفي الصحيح عن معوية عن أبي جعفر (ع) قال امر الخلاف ان يدع الموسى على قرنه الأيمن ثم امره ان يحلق ويسمى هو وقال اللهم أعطني بكل شعرة نورا يوم القيمة وعن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن ابائه عن علي (ع) قال السنة في الحلق ان يبلغ العظمين الثالث يجزي من التقصير ما يقع عليه اسمه لان الزايد لم يثبت والأصل براءة الذمة وسواء قصر من شعر رأسه أو من لحيته أو من شاربه فإنه مجز
(٧٦٣)