ان أزواج النبي صلى الله عليه وآله تمتعن في حجة الوداع معه وأدخلت عايشه الحج على المعمرة فصارت قارنة ثم ذبح عنهن النبي البقر فأكلن من لحومها وقالت عايشة ان النبي صلى الله عليه وآله امر من لم يكن معه هدى إذا طاف بالبيت ان يحل فدخل عليها يوم النحر بلحم بقر فقلت ما هذا فقيل ذبح النبي صلى الله عليه وآله وروى مسلم ان النبي صلى الله عليه وآله امر من كل بدنه بنصفه فجعلت في قدر فأكل هو وعلي (ع) من لحمها وشربها من مرقها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (غ) قال إذا ذبحت أو نحرت فكل وأطعم قال لله فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر فقال القانع الذي يقنع بما أعطيته والمعتر الذي تعريك والسائل الذي يسألك في بدنه والبائس الفقير وفي الصحيح عن صفوان وابن أبي عمر وجميل بن دراج وحماد بن عيسى وجماعة ممن روينا عنه من أصحابنا عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع) انهما قالا إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمران يؤخذ من كل بدنه نصفه فامر بها رسول الله صلى الله عليه وآله وطبخت فأكل هو وعلي (ع) وحسوا من المرق وقد كان النبي صلى الله عليه وآله أشركه في هديه وعن علي بن أسباط عن أبي عبد الله (ع) قال رأيت أبا الحسن الأول (ع) دعا ببدنه فنحرها فلما ضرب الجزارون عرافيها فوقعت على الأرض وكشفوا شيئا من سنامها قال اقطعوا وكلوا فان الله عز وجل يقول فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا ولأنه دم نسك فأشبه التطوع احتج الشافعي بأنه هدى وجب بالاحرام فلم يجز الأكل منه كدم الكفارة والجواب القياس لا يعارض نص القران مع وقوع الفرن وهو ان دم المتعة دم النسك بخلاف الكفارة فروع الأول ينبغي ان يقسم أثلاثا يأكل ثلاثة ويتصدق على الفقراء بثلاثة وهذا على جهة الاستحباب ولو اكل دون الثلث كان سابقا روى الشيخ في الصحيح عن صيف النجار قال قال أبو عبد الله (ع) ان سعد بن عبد الملك قدم حاجا فلقي إلي فقال إني سقت فكيف اصنع فقال واني أطعم أهلك ثلثا وأطعم القانع والمعتر ثلثا وأطعم المساكين ثلثا فقلت المساكين هم السؤال فقال نعم والقانع انه يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها والمعتر ينبغي له أكثر من ذلك وهو أعني من القانع يعتر بك فلا يسألك وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الهدى ما يأكل منه الذي يهديه في متعة وغير ذلك فقال كما يأكل من هديه الثاني قال بعض علمائنا بوجوب الأكل وقال آخرون باستحبابه والأول قوى للآية الثالث لو قلنا بوجوب الأكل لم يضمن بتركه ويضمن لو تركت الصدقة ثلاثة لأنه المطلوب الأصلي من الهدى وهل يضمن لو أخل بالاهداء الأقرب انه ان كان الاخلال سبب اكله ضمن وإلا فلا مسألة ولا يجوز له الأكل من كل واجب غير هدى التمتع ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال الشافعي الا في جواز الأكل من دم المتعة على ما بينا خلافه أو لا وعن أحمد رواية يناسب مذهبنا لأنه جواز الأكل من دم المتعة والقران ولا غير ودم القران عندنا غير واجب فيجوز الأكل منه عندنا لأنه تطوع فلا خلاف بيننا وبينه في الحكم وان اختلفنا نحن وإياه في العلة وبه الرواية عن أحمد قال أصحاب الرأي وعن أحمد رواية ثالثة لأنه لا يأكل من النذر وجزاء الصيد ويأكل مما سواهما وبه قال ابن عمر والعطا والحسن البصري واسحق وقال ابن أبي موسى لا يأكل أيضا من الكفارة ويأكل ما سوى هذه الثلاثة ونحوه مذهب مالك لنا ان جزاء الصيد بدل والنذر جعله الله تعالى والكفارة عقوبة فلا يناسب جواز التناول ولان وجوب الاخراج ينافي جواز الأكل حرما إلى خلافه في هدى المتعة فبقي على الأصل ولما رواه الشيخ عن أبي بصير قال سألت عن رجل اهدى هديا فانكسر قال إن كان مضمونا والمضمون ما كان في غير يعنى نذرا أو جزاء فعليه فداؤه قلت يأكل منه قال لا انما هو للمساكين وإن لم يكن مضمونا فليس عليه شئ قلت أيأكل منه قال يأكل منه وفي الحسن عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن فداء الصيد يأكل منه من لحمه فقال يأكل من أضحيته ويتصدق بالفداء وعن عبد الرحمن عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الهدى ما يأكل منه شئ بهديه في المتعة وغير ذلك قال كل هدى من رمضان الحج فلا يأكل وكل هدى من تمام الحج فكل لا يقال قد روى الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن يحيى الكاهلي عن أبي عبد الله (ع) قال يوكل من الهدى كله مضمونا كان ان غير مضمون وعن جعفر بن بشير عن أبي عبد الله (ع) قال سألت عن البدن الذي يكون الاجزاء الايمان والنساء ولغيره يوكل منها قال نعم يؤكل من البدن لأنا نقول إنه محمول على حالة الضرورة ويجب عليه لما يأتي فروع الأول هدى التطوع يستحب الأكل منه بلا خلاف لقوله تعالى فكلوا منها وأقل مراتب الامر الاستحباب ولان النبي صلى الله عليه وآله وعليا صلى عليهما والهما اكل من بدنهما قال جابر كنا نأكل من بدننا فوق ثلث فرخص لنا النبي صلى الله عليه وآله فقال كلوا وتزودوا فأكلنا فتزودوا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن سنان بن محمد عن أبيه قال إذا اكل الرجل من الهدى تطوعا فلا شئ عليه وعن السكوني عن جعفر قال إذا اكل الرجل من الهدى تطوعا فلا شئ عليه وان كان واجبا فعليه قيمة ما كان ولأنه لا يزيد على مرتبة الواجب وقد سن الأكل من هدى المتعة مع وجوبه الثاني لو لم يأكل من التطوع لم يكن به بأس بلا خلاف لان النبي صلى الله عليه وآله لما نحر البدنات الخمس قال من شاء اقتطع ولم يأكل منهن شيئا وينبغي له ان يأكل اليسير منها كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وان اكل كثيرا كان جايزا وان اكل الجميع ضمن المشروع للصدقة منها الثالث
(٧٥٢)