فقال قد علمتم اني اتقاكم لله وأصدقكم وأبركم ولولا هذا لحللت كما تحلون ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت فهللنا وسمعنا وأطعنا ومن طريق الخاصة روايات منها رواية ليث المرادي عن أبي عبد الله (عليه السلام قال إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج في حجة الوداع لأربع أو خمس مضى من ذي الحجة مفردا للحج وساق مائة بدنة ويحتمل ان يكون النبي (صلى الله عليه وآله) حج متمتعا بالعمرة إلى الحج ولبى بعمرة في حج لان العمرة المتمتع بها إلى الحج داخلة في الحج لما رواه الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيمة وعن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال أحرم رسو ل الله (صلى الله عليه وآله) من ذي الحليفة مفردا أو ساق الهدى ستا وستين وأربعا وستين ثم أتى مكة وطاف سبعة أشواط ثم صلى ركعتين خاف مقام إبراهيم (عليه السلام) ثم قال إن الصفا والمروة من شعائر الله ابدأوا بما بدأ الله به فلما فزع من سعيه قال هذا جبرئيل (عليه السلام) وأومأ بيده إلى خلفه يأمرني ان آمر من لم يسق الهدى ان كل فقال رجل نخرج حجاجا ورؤوسنا يفطر فقال لو استقبل من أمري ما استدبرت لصنعت كما أمرتكم ولكني سقت الهدى ولا ينبغي لسايق الهدى ان يحل حتى يبلغ الهدى محله فقال له سراقة ألعامنا هذا أم للأبد فقال بد لا بد إلى يوم القيمة وشبك بين أصابعه وقال دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيمة هكذا وإذا كانت العمرة داخلة في الحج على ما تضمنته هذه الأحاديث وغيرها أمكن ان يصرف قوله أحرم بعمرة في حج إلى ما ذكرناه والذي يدل على أنه (عليه السلام) حج متمتعا ما رواه الجمهور عن ابن عمر وجابر من طرق صحاح عندهم انه (عليه السلام) أفرد وتارة انه تمتع وأخرى انه قران والقضية وادة والجمع ممتنع موجب اخراج الجميع وأيضا روى الجمهور في الصحيح عن عمران قال إني لأنهاكم عن المتعة وانها لفي كتاب الله ولقد منعه الرسول الله (صلى الله عليه وآله) وعن علي (عليه السلام) انه اختلف هو وعثمان في المتعة بعسفان فقال علي (عليه السلام) ما تريد إلى امر فعله رسول الله (صلى الله عليه وآله) (ولم) ينهى عنه وروى الثاني ان عليا (عليه السلام) قال لعثمان ألم تسمع ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) حج متمتعا وأيضا فان رواياتهم اختلفت فتارة رووا انه (عليه السلام) في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وقال سعد بن أبي وقاص صنعها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصنعناها معه يعني المتعة وهذا يومئذ كافر بالعرش بيوت مكة وعن عمران بن حصين قال تمتعنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو لم ينسخها بشئ فقال فيها رجل برأيه ما شاء وهذه الأخبار كما دلت على ما أردناه فقد دلت على وجوب التمتع وانه المفروض وان نهى عمر عن المتعة خطأ وبهذا التأويل نتناول قوله (عليه السلام) أهلوا يا آل محمد بعمرة في حج مسألة لا يجوز ادخال الحج على العمرة ولا بالعكس مثل ان يكون بعمرة مفردة فيحرم بالحج قبل قضاء مناسكها أو يحرم بلا حج ثم يدخل عليه العمرة واجمع الجمهور على الأول واختلفوا في ادخال العمرة على الحج بعد عقدية الافراد فقال أبو حنيفة بالجواز وهو أحد قولي الشافعي في القول الاخر بالمنع لنا انه عبادة شرعية فيقف على اذن لشارع ولم يثبت ولأنه إذا أحرم بنوع لي منه اتمامه واكمال أفعاله فلا يجوز صرف احرامه إلى غيره إذا عرفت هذا فلو كان محرما بعمرة يتمتع بها فمنعه مانع من مرض أو حميض عن اتمامها جاز نقلها إلى الافراد اتفاقا كما فعلته عايشة وكذا لو كان محرما بحج مفرد ودخل جاز ان ينقل احرامه إلى التمتع لقوله (عليه السلام) من لم يسق الهدى فليحل وليجعل ما عمره وسيأتي البحث فيه انشاء الله تعالى مسألة لا يجوز القران بين الجمع والعمرة في احرامه بنية واحدة على ما بيناه قال الشيخ في الخلاف ولم فعل لم ينعقد احرامه الا بالحج فان أتى بأفعال الحج لم يلزمه دم وان أراد أن يأتي بأفعال العمرة ويجعلها متعة جاز ذلك ولزم الدم وقال الشافعي ومالك والأوزاعي إذا أتى بأفعال الحج لزم دم وقال الشعبي وطاوس وداود لا يلزمه شئ لنا ان وجوب الدم منفي بالأصل فلا يثبت الا بدليل أما إذا نوى التمتع فلزوم الدم ثابت بالاجماع والمتمتع إذا أحرم من مكة لزم الدم ولو أحرم في الميقات لم يسقط الدم وقال الجمهور يسقط لنا ان الدم استقر بإحرام الحج فلا يسقط بعد استقراره وكذا لو أحرم المتمتع من مكة ومضى إلى الميقات ثم منه إلى عرفات وقال الشيخ يسقط مسألة ولا يجوز نية حجتين ولا عمرتين ولو فعل قبل ينعقد إحديهما ويلغوا الأخرى وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة ينعقد بهما وعليه قضاء أحدهما لأنها حرم بهما ولم يتمها وليس بجيد لأنهما عبادتان لا يلزمه المضي فيهما فلا يصح الاحرام بهما كالصلاتين وعلى هذا لو أفسد حجة أو عمرته لم يلزمه الا قضائها وان قلنا بانعقاد أحدهما وعند أبي حنيفة يلزمه قضاؤهما معا بناء على صحة احرامه بهما مسألة لو أراد التطوع بالحج فالتمتع أفضل أنواعه ذهب إليه علماؤنا وبه قال علي عليه السلام وابن عمر وابن عباس وابن الزبير والعكرمة والحسن وعطا طاوس ومجاهد وجابر بن زيد وعكرمة واحمد والشافعي في أحد قوليه وفي الاخر الافراد أفضل وبه قال عمر وعثمان وابن عمر وجابر وعايشة وذهب إليه ملك وأبو ثور وقال الثوري القران أفضل وهو مذهب أصحاب الرأي لنا ما رواه الجمهور عن ابن عباس وجابر وأبي موسى وعايشة ان النبي صلى الله عليه وآله امر أصحابه لما طافوا بالبيت ان يجعلوا ويجعلوها عمرة فنقلهم من الافراد والقران إلى المتعة ولا ينقلهم الا إلى الأفضل وقال (عليه السلام) لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدى ولجعلتها عمرة وتأسفه (عليه السلام) على فوات العمرة يدل على انها أفضل ولان التمتع مصوص عليه في كتاب الله تعالى دون بقية الأنساك ولان ا لتمتع يأتي فكل واحد من النسكين في الوقت الفاضل وينسك بالدم فكان الفضل وإذا أفرد أتى بالعمرة في غير أشهر الحج فكان ما يأتي به في أشهر الحج أفضل ولان الناس اختلفوا ا في اجزاء عمره الافراد والقران عن عمرة الاسلام وأنفقوا كافة على اجزاء التمتع عن الحج والعمرة
(٦٦٢)