سنة (1). والاستدلال بهذا الحديث يتوقف على مقدمات:
الأولى: إن لفظة " إنما " للحصر بالنقل عن أهل اللغة، ولأن (2) لفظة " إن " للإثبات و " ما " للنفي حالة الانفراد، فكذا حالة التركيب وإلا لكان تركيب اللفظ مع غيره مخرجا له عن الحقيقة وذلك باطل قطعا. فإما أن يتواردا على محل واحد فيلزم التناقض المحال، أو يكون الإثبات راجعا إلى غير المذكور والنفي راجعا إلى المذكور، وهو باطل اتفاقا فتعين العكس وهو الحصر بعينه.
الثانية: لفظة " السنة " مشترك بين الندب وما استفيد من سنة النبي - صلى الله عليه وآله -، والمراد بها هنا الأول، لأنها المناسبة للحكم دون الثاني.
الثالثة: اختلف علماؤنا على قولين: أحدهما: أن الأذان والإقامة سنتان في جميع المواطن، وهو الذي اخترناه. والثاني: أنهما واجبان في بعض الصلوات على ما فصلناه، فالقول باستحباب الأذان في كل المواطن، ووجوب الإقامة في بعضها خارق للإجماع، وخرق الإجماع باطل.
إذا ثبتت هذه المقدمات، فنقول: ثبتت بمنصوص الحديث أن الأذان مستحب في كل المواطن عملا بالحصر، وإذا كان الأذان مستحبا في كل موضع فكذا الإقامة، وإلا لزم خرق الإجماع.
احتج الشيخان، والسيد المرتضى بما رواه أبو بصير، عن أحدهما - عليهما السلام - قال:
سألته أيجزي أذان واحد؟ قال: إن صليت جماعة لم يجز إلا أذان وإقامة، وإن كنت وحدك تبادر أمرا تخاف أن يفوتك يجزيك إقامة إلا في الفجر والمغرب فإنه ينبغي أن تؤذن فيهما وتقيم من أجل أنه لا يقصر فيهما إلا في الفجر والمغرب