والجواب عن الأول: بعد سلامة السند أنه محمول على الاستحباب.
قال الشيخ: ويحتمل أن يكون في حق من كان بمكة أو المدينة. واستدل عليه بما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن المسافر يقدم الأرض، قال: إن حدثته نفسه أن يقيم عشرة أيام فليتم، وإن قال: اليوم أخرج أو غدا أخرج ولا يدري فليقصر ما بينه وبين شهر، فإن مضى شهر فليتم، ولا يتم أقل من عشرة إلا بمكة والمدينة، وإن أقام بمكة والمدينة خمسا فليتم (1). وعن العموم بمعارضته بعموم مثله وهو السقوط عن المسافر (2).
مسألة: للشيخ قولان في انعقاد الجمعة بالعبد، ففي المبسوط لا تنعقد به (3)، وهو اختيار ابن حمزة (4)، وفي الخلاف تنعقد به (5)، وهو اختيار ابن إدريس (6).
واحتج الشيخ - رحمه الله تعالى - في الخلاف: بعموم الدليل الدال على اعتبار العدد في العبد وغيره، وانتفاء الوجوب عنه لا ينافي انعقاد الجمعة به، ووجوبها على الغير بحضوره كما في المريض، فإنها لا تجب عليه إجماعا وتنعقد به إجماعا (7). والأقرب عندي اختياره في المبسوط.
لنا: أصالة براءة الذمة. ولأن وجوبها على المكلف لا ينفك عن القبح، وكل ما لا ينفك عن القبح فهو قبيح. أما المقدمة الأولى: فلأن العبد لا يجب عليه الحضور إجماعا، ولا يجوز له إلا بإذن مولاه، ولأنه تصرف في نفسه وهو ممنوع منه