ولأن الإنسان مدني بالطبع فيفتقر إلى الاجتماع الذي هو مظنة التنازع، وإنما يتم الاجتماع ويكمل نظامه (1) برئيس يردعهم ويخوفهم الله تعالى عند العصيان ويعدهم بالثواب عند الطاعة فوجب اعتبار الإمام، ثم لما كان الإنسان في معرض الحوادث ومحلا للاضطراب وجب في الاجتماع ونظامه اعتبار نائب له، ولما كان التنازع يفتقر إلى مدع ومدعى عليه وجب اعتبارهما، ولما كان التنازع مؤديا إلى استحقاق الحد في جنب أحدهم وجب وضع من يستوفي الحدود. فظهر أن التمدن والاستيطان والاستقرار إنما يتم بهؤلاء الخمسة، فلهذه الحكمة اعتبرنا الخمسة في العدد، لأن الجمعة لا تجب على غير المستوطن.
احتج الشيخ - رحمه الله تعالى - بما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر - عليه السلام - قال: تجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين، ولا تجب على أقل منهم الإمام، وقاضيه، والمدعي حقا، والمدعى عليه، والشاهدان، والذي يضرب الحدود بين يدي الإمام (2).
والجواب: أن في الطريق الحكيم بن مسكين، ولم يحضرني الآن حاله، فنحن نمنع صحة السند ونعارضه بما تقدم من الأخبار، ويبقى عموم القرآن سالما عن المعارض.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط (3) والخلاف (4): من شرط الخطبة الطهارة، ومنعه ابن إدريس (5)، وهو الأقوى.