وهذان الوجهان مما لا إشكال فيه في حرمة التصرف في العوضين، كما أنه لا إشكال في الجواز إذا أعرضا عن أثر العقد وتقابضا بقصد إنشاء التمليك ليكون معاطاة صحيحة عقيب عقد فاسد. (140) وأما إن وقع الرضا بالتصرف بعد العقد من دون ابتنائه على استحقاقه بالعقد السابق ولا قصد لإنشاء التمليك، بل وقع مقارنا لاعتقاد الملكية الحاصلة، بحيث لولاها لكان الرضا أيضا موجودا، وكان المقصود الأصلي من المعاملة التصرف، وأوقعا العقد الفاسد وسيلة له - ويكشف عنه أنه لو سئل كل منهما عن رضاه بتصرف صاحبه على تقدير عدم التمليك، أو بعد تنبيهه على عدم حصول الملك كان راضيا - فإدخال هذا في المعاطاة يتوقف على أمرين:
الأول: كفاية هذا الرضا المركوز في النفس، بل الرضا الشأني، لأن الموجود بالفعل هو رضاه من حيث كونه مالكا في نظره.
____________________
(140) الطباطبائي: وهنا قسم آخر لم يتعرض له المصنف، مع أنه أولى بالذكر وهو ما لو قصد التمليك وإنشاء التراضي بالصيغة المفروضة من غير تقييد بالصحة واللزوم بأن كان قصدهما إظهار الرضا بالتصرف، كما لا يخفى وحكمه حكم المعاطاة حسبما أشرنا إليه في أول هذا الأمر. (ص 84)