على ذلك أدنى ما يقع عليه الاسم من فرسخ أو ميل، لأن الظاهر يقتضي ذلك لو تركنا معه، لكن الدليل والإجماع أسقطا اعتبار ذلك ولم يسقطاه فيما اعتبرناه من المسافة وهو داخل تحت الاسم.
وذكر الفضل بن شاذان النيسابوري أنه سمع الرضا ع يقول: إنما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لأنها مسيرة يوم ولو لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة ألف سنة، وذلك أن كل يوم يكون بعد هذا اليوم منها نظير هذا اليوم، فلو لم يجب في هذا اليوم لما وجب في نظيره.
فصل:
فإن قيل: القرآن يمنع مما ذكرتم من وجوب التقصير، لأنه تعالى قال: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم، ورفع الجناح يدل على الإباحة لا على الوجوب.
قلنا: هذه الآية غير متناولة لقصر الصلاة في عدد الركعات وإنما المستفاد منها التقصير في الأفعال من الإيماء وغيره، لأنه تعالى علق القصر بالخوف ولا خلاف في أنه ليس الخوف من شرط القصر في عدد ركعات الصلاة وإنما الخوف شرط في الوجه الآخر، وهو التقصير في الأفعال من الإيماء وغيره في الصلاة لأن صلاة الخوف قد أبيح فيها ما ليس مباحا مع الأمن.
وقال أبو جعفر الطوسي: من تمم في السفر وقد تليت عليه آية التقصير وعلم وجوبه وجب عليه إعادة الصلاة فإن لم يكن علم ذلك فليس عليه شئ، ولم يفصل المرتضى في الإعادة بين الحالتين وكأنه للاحتياط.
ومن تمم في السفر الصلاة متعمدا يجب عليه الإعادة مع التقصير على كل حال وإن كان أتم ناسيا أعاد ما دام في الوقت، ولا إعادة عليه بعد خروج الوقت والحجة في ذلك - زائدا على الاجماع المتردد - أن فرض السفر ركعتان فيما كان أربعا في الحضر وليس ذلك رخصة، وإذا كان الفرض كذلك فمن لم يأت به على ما فرض وجب عليه الإعادة.