بالإنصات والاستماع، فقال قوم: أمروا حال كون المصلي في الصلاة خلف الإمام الذي يؤتم به وهم يستمعون قراءة الإمام، فعليهم أن ينصتوا ولا يقرؤا ويستمعون لقراءته، فإذا كانوا على بعد من الإمام بحيث لا يسمعون صوته - وأن كانت الصلاة مما يجهر فيها - فلا بأس إذا أن يقرؤا، ومن المفسرين من قال: أمروا بالإنصات لأنهم كانوا يتكلمون في الصلاة، وإذا دخل داخل وهم في الصلاة قال لهم كم صليتم فيخبرونه وكان مباحا فنسخه الله.
وقال قوم: هو أمر بالإنصات للإمام في خطبته، وقيل: هو أمر بذلك في الصلاة والخطبة، وأقوى الأقوال الأول الذي استدللنا به، لأنه لا حال يجب فيها الإنصات لقراءة القرآن إلا حال قراءة الإمام في الصلاة، فإن على المأموم الإنصات والاستماع له على ما قدمناه.
فأما خارج الصلاة فلا خلاف أنه لا يجب الإنصات والاستماع، وما روي عن أبي عبد الله ع أنه في حال الصلاة وغيرها فهو على وجه الاستحباب.
وقال أبو حنيفة: لا يصلى صلاة الخسوف جماعة، وكل ما يدل من القرآن والسنة على جواز الجماعة في كل فريضة فهو عام. على أن العامة قد روت أيضا عن النبي ص أنه صلاها جماعة ورووا أيضا أنه صلاها فرادى فوافقت رواياتهم رواياتنا، مع أن الشيخ المفيد ذكر في كتابه مسائل الخلاف أنه إن انكسف القرص بأسره في الشمس أو القمر صليت صلاة الكسوف جماعة، وإن انكسف بعضه صليت فرادى.
باب الصلاة في السفر:
اعلم أن السفر الذي يجب فيه التقصير في الصلاة ثمانية فراسخ فما فوقها إذا كان مباحا أو طاعة، والحجة - مع الاجماع المكرر - هو أن الله علق سقوط فرض الصيام عن المسافر بكونه مسافرا في قوله: فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ولا خلاف بين الأمة في أن كل سفر أسقط فرض الصيام ورخص في الإفطار فهو بعينه موجب لقصر الصلاة، وإذا كان الله قد علق ذلك في الآية باسم السفر فلا شبهة في أن اسم السفر يتناول المسافة التي حددنا السفر بها فيجب أن يكون الحكم تابعا لها، ولا يلزم