قال: هذه الآية ناسخة لما في أول السورة من الأمر الحتم بقيام الليل إلا قليلا " نصفه أو أنقص منه.
وقال آخرون: إنما نسخ ما كان فرضا إلى أن صار نفلا، وقد قلنا: إن الأمر في أول السورة على وجه الندب فكذا ههنا، فلا تنافي بينهما حتى ينسخ بعضها ببعض.
فصل:
وقوله: واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا: البكرة الغداة، والأصيل العشي، وهو أصل الليل.
ومن الليل فاسجد له: دخلت من للتبعيض، يعني فاسجد له في بعض الليل، لأنه لم يأمره بقيام جميع الليل كما قال: إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه، والمعنى أن ربك يعلم يا محمد أنك تقوم أدنى، أي أقرب وأقل من ثلثي الليل " ونصفه وثلثه " أي أقل من نصفه ومن ثلثه، والهاء تعود إلى الليل أي نصف الليل وثلث الليل، معناه: إنك تقوم في بعض الليالي قريبا من الثلثين وفي بعضها قريبا من نصف الليل وفي بعضها قريبا من ثلثه.
وقيل: إن الهاء تعود إلى الثلثين، أي وأقرب من نصف الثلثين ومن ثلث الثلثين، وإذا نصبت فالمعنى وتقوم نصفه وثلثه ويقوم طائفة من الذين معك.
وقوله تعالى: والله يقدر الليل والنهار، أي يقدر أوقاتهما لتعلموا فيهما على ما يأمركم به.
" علم أن لن تحصوه " أي تطيقوا المداومة على قيام الليل ويقع منكم التقصير فيه " فتاب عليكم " بأن جعله تطوعا ولم يجعله فرضا، وقيل: أي فخفف عليكم.
فاقرؤوا ما تيسر من القرآن " الآن، يعني في الصلاة عند أكثر المفسرين. وأجمعوا أيضا على أن المراد بالقيام المتقدم في قوله " قم الليل " هو القيام إلى الصلاة إلا أبا مسلم فإنه قال أراد القيام لقراءة القرآن.
" علم أن سيكون منكم مرضى " وذلك يقتضي التخفيف عنكم " وآخرون يضربون في الأرض " أي ومنكم قوم آخرون يسافرون للتجارة وطلب الأرباح، ومنكم قوم آخرون