العرف والعادة إن فلانا هذا سفره أكثر من حضره بسفرة واحدة حتى يتكرر هذا الفعال منه.
فإن قيل: فإن سافر الانسان أول سفرة بعد الإقامة في المنزل مائة سنة وأقام في السفر مثلا شهرا ثم ورد إلى منزله فأقام فيه أقل من عشرة أيام ثم خرج فقد صار سفره أكثر من حضره الذي في منزله لأنه أقل من عشرة أيام وكان سفره شهرا قلنا: فإن كان أقام في سفره خمسة أيام ثم ورد إلى منزله وأقام فيه ثمانية أيام فقد صار حضره أكثر من سفره، والسائل يخرجه عند هذا التقدير متمما فلم يستقم له سؤاله واعتراضه الأول. وقول بعض المصنفين في كتاب له: ومن كان سفره أكثر من حضره وحده أن لا يقيم في منزله عشرة أيام، يريد به من كان سفره أكثر من حضره لا يزال في أسفاره متمما ما لم يكن له في بلدته مقام عشرة أيام، فإذا كان له في بلدته مقام عشرة أيام، أخرجناه من ذلك الحكم لا أن المراد بقوله: أن كل من لم يقم في بلدته عشرة أيام يخرج متمما من سائر المسافرين بل من كان سفره أكثر من حضره وعرف بالعادة ذلك من حاله وانطلق عليه هذا الاسم وتكرر فالهاء في قوله وحده يرجع إلى هذا الذي تكرر منه الفعل وانطلق عليه في العرف والعادة صار سفره أكثر من حضره فحد هذا ألا يرجع إلى التقصير في أسفاره إلا بمقام عشرة أيام في منزله، فإن لم يقم عشرة أيام وخرج إلى السفر يخرج متمما على ما كان حكمه في أسفاره أولا فليلحظ ذلك فإن بعض من لحقناه من أصحابنا كان يزل في هذه المسألة ويوجب بسفرة واحدة عليه الإتمام...
وكلام السيد المرتضى في انتصاره في استدلاله الذي قدمناه عنه يشعر بصحة ما قلناه لأنه قال: ومن ذكرنا حاله ممن سفره أكثر من حضره لا مشقة عليه في السفر بل ربما كانت المشقة عليه في الحضر لاختلاف العادة.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: ومن أقام في منزله مثلا مائة سنة وسافر عنه ثلاثة أيام فحسب ثم حضر فيه يومين ثم سافر عنه، مشقته في سفره الثاني كمشقته في سفره الأول وليس هذا ممن لا مشقة عليه في السفر الثاني ولا ممن ربما كانت المشقة عليه في الحضر لاختلاف العادة لأنه ما تكرر ذلك منه ولا تعوده بدفعة واحدة العادة التي لا بما كانت المشقة عليه في مقامه والراحة له في سفره.