قال محمد بن إدريس رحمه الله: أما ما ذكره في النهاية فلا يجوز القول به والعمل عليه لأنه مخالف لأصول المذهب على ما قلناه، ولأن الوقت باق وفرض الحاضر غير فرض المسافر فكيف يتم المسافر صلاته مع قوله تعالى: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة؟ والإجماع حاصل على وجوب القصر للمسافر بغير خلاف، وأيضا كان يلزم عليه أن يقصر الانسان في منزله إذا دخل من سفره على ما قاله رضي الله عنه وهذا مما لم يذهب إليه أحد ولم يقل به فقيه ولا مصنف ذكره في كتابه لا منا ولا من مخالفينا، وما ذكره في مسائل خلافه أيضا فغير واضح لأنه قال: جاز له التقصير ويستحب له الإتمام، ثم استشهد واستدل بما يقضي عليه ويبطل ما ذهب إليه من الآية والخبر وهما يوجبان القصر ويحتمانه، ثم رجع بخبر واحد وهو خبر النبال إلى الاستحباب، وإذا كان مع أحد الخبرين القرآن والإجماع فكيف يعمل بالخبر المنفرد عن الأدلة القاهرة وأيضا فما عمل بخبر النبال لأن خبر النبال لفظ الوجوب لأنه قال ع: إنه لم يجب على أحد من أهل هذا العسكر أن يصلى أربعا غيري وغيرك، وإنما حداه على ذلك والرجوع عن كتاب له إلى كتاب آخر اختلاف الأخبار، وقد بينا أن أخبار الآحاد لا يجوز العمل بها في الشريعة والرجوع عن الأدلة إليها وأيضا فقد تعارضت ومع تعارضها ينبغي أن يعمل بما عضده منها الدليل، والصحيح ما ذهبنا إليه أولا واخترناه لأنه موافق للأدلة وأصول المذهب وعليه الاجماع وهو مذهب السيد المرتضى ذكره في مصباحه والشيخ المفيد وغيرهما من أصحابنا ومذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي في نهايته فإنه حقق القول في ذلك وبالغ فيه ورجع عما ذكره في نهايته ومسائل خلافه في تهذيب الأحكام في باب أحكام فوائت الصلاة.
فأما إذا لم يصل لا في منزله ولا لما خرج إلى السفر وفاته أداء الصلاة فالواجب عليه قضاؤها بحسب حاله عند دخول أول وقتها على ما قدمناه.
وهذا مذهب الشيخ أبو جعفر الطوسي في تهذيب الأحكام فإنه حقق ذلك وبينه وفصله وشرحه شرحا جليا في باب أحكام فوائت الصلاة أيضا على ما قدمناه فليلحظ من هناك وشيخنا المفيد وابن بابويه في رسالته والسيد المرتضى في مصباحه، وهو الصحيح لأن العبادات تجب بدخول الوقت وتستقر بإمكان الأداء كما لو زالت الشمس على المرأة الطاهر