ويقصر المسافر ما دام في وقت الصلاة، وإن كان أخيرا فإن خرج الوقت لم يجز إلا قضاؤها بحسب حاله عند دخول أول وقتها.
وقال بعض أصحابنا في كتاب له: فإن خرج من منزله وقد دخل الوقت وجب كان قد بقي من الوقت مقدار ما يصلى فيه على التمام، وإن دخل من سفره بعد دخول الوقت وكان قد بقي من الوقت مقدار ما يتمكن فيه من أداء الصلاة على التمام فليصل وليتم، وإن لم يكن قد بقي مقدار ذلك قصر. ذكر ذلك شيخنا أبو جعفر الطوسي في نهايته وهذا غير واضح ولا مستمر على أصول المذهب وإنما هو خبر أورده على جهة الإيراد لا الاعتقاد على ما اعتذرنا له فيما مضى وقد رجع عنه في مسائل خلافه فقال مسألة: إذا خرج إلى السفر وقد دخل الوقت إلا أنه مضى مقدار ما يصلى الفرض أربع ركعات جاز له التقصير ويستحب له الإتمام.
وقال الشافعي: إن سافر بعد دخول الوقت فإن كان مضى مقدار ما يمكنه أن يصلى فيه أربعا جاز له التقصير، قال: وهذا قولنا وقول الجماعة إلا المزني فإنه قال: عليه الإتمام ولا يجوز له التقصير دليلنا قوله تعالى: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة، ولم يخص وهذا ضارب فيجب أن يجوز له التقصير، وأيضا فقد ثبت أن الوقت ممتد وإذا لم يفت الوقت جاز له التقصير.
وروى إسماعيل بن جابر قال: قلت لأبي عبد الله ع: يدخل على وقت الصلاة وأنا في السفر فلا أصلي حتى أدخل أهلي قال: صل وأتم الصلاة، قلت: يدخل على وقت الصلاة وأنا في أهلي أريد السفر فلا أصلي حتى أخرج قال: صل وقصر فإن لم تفعل فقد والله خالفت رسول الله ص.
فأما الاستحباب الذي قلناه فلما رواه بشير النبال قال: خرجت مع أبي عبد الله ع حتى أتينا الشجرة فقال لي أبو عبد الله: يا نبال، قلت: لبيك، قال: إنه لم يجب على أحد من أهل هذا العسكر أن يصلى أربعا غيري وغيرك. وذلك أنه دخل وقت الصلاة قبل أن يخرج فلما اختلفت الأخبار حملنا الأول على الأجزاء وهذا على الاستحباب هذا آخر كلام شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله.