فأما صاحب الصنعة من المكارين والملاحين ومن يدور في تجارته من سوق إلى سوق ومن يدور في إمارته فلا يجرون مجرى من لا صنعة له ممن سفره أكثر من حضره ولا يعتبر فيهم ما اعتبرناه فيه من الدفعات، بل يجب عليهم الإتمام بنفس خروجهم إلى السفر لأن صنعتهم تقوم مقام تكرر من لا صنعة له ممن سفره أكثر من حضره لأن الأخبار وأقوال أصحابنا وفتاويهم مطلقة في وجوب الإتمام على هؤلاء فليلحظ ذلك ففيه غموض يحتاج إلى تأمل ونظر وفقه.
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي في نهايته: فإن كان لهم في بلدهم مقام عشرة أيام وجب عليهم التقصير، وإن كان مقامهم في بلدهم خمسة أيام قصروا بالنهار وتمموا الصلاة بالليل. وهذا غير واضح ولا يجوز العمل به بل يجب عليهم الإتمام بالنهار وبالليل بغير خلاف ولا يرجع عن المذهب بأخبار الآحاد لأن الاجماع على أن هؤلاء إذا لم يقيموا في بلادهم عشرة أيام خرجوا متمين لصلاتهم بغير خلاف، وقد اعتذرنا لشيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله فيما يوجد في كتاب النهاية وقلنا: أورده إيرادا لا اعتقادا وقد اعتذر هو في خطبة مبسوطه عن هذا الكتاب نعني النهاية بما قدمنا ذكره.
فإن خرج الانسان بنية السفر ثم بدا له قبل أن يبلغ مسافة التقصير وكان قد صلى قصرا فليس عليه شئ ولا قضاء ولا إعادة، فإن لم يكن قد صلى أو كان في الصلاة وبدا له من السفر قبل أن يبلغ المسافة تمم صلاته.
وذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي في استبصاره: إلى وجوب الإعادة على من صلى على قصر ثم بدا له عن السفر ما دام الوقت باقيا. وما اخترناه هو اختياره في نهايته وهو الصحيح لأنه صلى صلاة شرعية مأمورا بها ما كان يجوز له في حال ما صلاها إلا هي، والإعادة فرض ثان يحتاج إلى دليل ولا دليل على ذلك فعمل على خبر زرارة في نهايته وعمل على خبر سليمان بن حفص المروزي في استبصاره والذي ينبغي أن يعمل عليه من الخبرين ما عضده الدليل لا بمجرد الخبر لأنا قد بينا أن العمل بأخبار الآحاد لا يجوز عندنا.
فإذا عزم المسافر على مقام عشرة أيام في بلد وجب عليه الإتمام، فإن صلى صلاة واحدة بعد عزمه على المقام أو أكثر من ذلك على التمام يعني رباعية ثم بدا له في المقام فليس له أن