يجب فيه تقصير الصلاة والصوم بالعكس من الأول، وصيد التجارة يجب فيه إتمام الصلاة وتقصير الصوم.
واعلم أن فرض السفر في كل صلاة من الصلوات الخمس ركعتان إلا المغرب وحدها فإنها ثلاث ركعات، والنوافل التي أكد الإتيان بها في السفر سبع عشرة ركعة أربع بعد المغرب وصلاة الليل ثماني ركعات وثلاث الشفع والوتر وركعتا الفجر.
وفرض السفر التقصير كما أن فرض الحضر الإتمام فالمتمم مع السفر كالمقصر في الحضر، ومن تعمد الإتمام في السفر بعد حصول العلم بوجوبه عليه وجبت عليه الإعادة لتغييره فرضه، فإن نسي التقصير فأتم أعاد ما دام في الوقت وبعد خروج الوقت لا إعادة عليه.
وقال بعض أصحابنا: يجب عليه الإعادة على كل حال، والأول هو الصحيح لأن عليه الاجماع وبه تواترت الأخبار وعليه العمل والفتوى من محصلي فقهاء آل الرسول ع.
وحد السفر الذي يجب معه التقصير بريدان، والبريد أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال والميل أربعة آلاف ذراع على ما ذكره المسعودي في كتاب مروج الذهب فإنه قال: الميل أربعة آلاف ذراع بذراع الأسود وهو الذراع الذي وضعه المأمون لذرع الثياب ومساحة البناء وقسمة المنازل، والذراع أربعة وعشرون إصبعا. وأصل البريد أنهم ينصبون في الطرق أعلاما فإذا بلغ بعضها راكب البريد نزل عنه وسلم ما معه من الكتب إلى غيره فكان ما به من الحر والتعب يبرد في ذلك أو ينام فيه الراكب والنوم يسمى بردا فسمي ما بين الموضعين بريدا وإنما الأصل الموضع الذي ينزل فيه الراكب، ثم قيل: للدابة بريد وإنما كانت البرد للملوك ثم قيل للسائر بريد. وقال مزرد بن ضرار يمدح عرابة الأوسي:
فدتك عراب اليوم نفسي وأسرتي وناقتي الناجي إليك بريدها فمن كان قصده إلى مسافة هذا قدرها وكان ممن يجب عليه التقصير لزمه وتحتم عليه القصر، وإن كانت قدر المسافة أربعة فراسخ للمار إليها ونوى وأراد الرجوع من يومه عند الخروج من منزله لزمه أيضا التقصير، فإن لم ينو الرجوع من يومه ولا أراده وجب عليه الإتمام ولا يجوز له التقصير.