وقال بعض أصحابنا: يكون مخيرا بين الإتمام والتقصير في الصوم والصلاة، وهو مذهب شيخنا المفيد. وقال بعض أصحابنا: يكون مخيرا بين إتمام صلاته وتقصيرها ويجب عليه إتمام صيامه ولا يكون مخيرا فيه، وهذا مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي. وقال بعض أصحابنا:
لا يكون مخيرا في شئ من العبادتين بل يجب عليه إتمامهما معا. وهذا الذي اخترناه أولا وبه يقول السيد المرتضى وهو الصحيح الذي يقتضيه أصول المذهب ويقويه النظر والأدلة والإجماع لأنه لا خلاف عندهم في حد المسافة التي يجب ويتحتم القصر على من قصدها ووجوب إتمام الصلاة على من لم يقصدها، فقد أجمعوا على تقصير صلاة القاصد لها ولا إجماع منهم على تقصير صلاة من لم يقصدها، وأيضا فالأصول يقتضي أن الانسان لا يكون مخيرا في إتمام صلاته وقصرها بل الواجب عليه إما إتمامها أو قصرها إلا ما خرج بالدليل والإجماع من تخييره في البقاع المذكورة، وأيضا فالإنسان المكلف بالصلاة إما أن يكون حاضرا أو مسافرا، فالحاضر ومن في حكمه يجب عليه بالإجماع إتمام الصلاة، والمسافر ومن في حكمه يجب عليه أيضا بالإجماع تقصير الصلاة ولا ثالث معنا، وأيضا اسقاط الركعتين من الصلاة الرباعية بعد اشتغال الذمة بها يحتاج إلى دليل شرعي كدليل ثبوتهما ولا دليل ولا إجماع على ذلك لأنا قد بينا اختلاف أصحابنا في المسألة. ومن قال بها اختلفوا في كيفيتها وهل يكون مخيرا بين إتمام الصلاة والصوم وبين قصرهما أو يكون مخيرا بين إتمام الصلاة وقصرها دون الصوم على ما حكيناه عن أصحابنا المصنفين، فإذا كان الاختلاف في المسألة حاصلا فلا يرجع عن المعلوم المفروض المحتم على الذمم المجمع على وجوبه واشتغالها به بأخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا وخصوصا على مذهب أصحابنا فقهاء أهل البيت سلفهم وخلفهم في أخبار الآحاد وأنهم مجمعون على ترك العمل بها على ما بيناه وأوضحناه في صدر كتابنا هذا ودليل الاحتياط أيضا يقتضي ما اخترناه لأنه لا خلاف بين أصحابنا جميعهم في أن المكلف إذا تمم صلاته وصومه في المسألة المختلف فيها فإن ذمته بريئة وإذا قصر ففيه الخلاف، فبالإجماع لا ذم على تارك القصر وما لا ذم في تركه ويخشى من فعله أن يكون بدعة ومعصية ولا تبرأ الذمة معه ويستحق بتركه الذم فتركه أولى وأحوط في الشريعة بغير خلاف. وشيخنا أبو جعفر قال في جمله وعقوده: ومن يلزمه الصوم عشرة من