فإذا عاد الراكع إلى انتصابه واستوى قائما كبر رافعا يديه على ما تقدم وهوى إلى السجود وتلقي الأرض بيده جميعا قبل ركبتيه، ويكون سجوده على سبعة أعظم: الجبهة ومفصلي الكفين عند الزندين وعظمي الركبتين وطرفي إبهامي الرجلين. والإرغام بطرف الأنف مما يلي الحاجبين من السنن المؤكدة، والسجود على السبعة الأعضاء فريضة والثامن سنة وفضيلة ومن كانت بجبهته علة ووصل إلى الأرض من قصاص شعر رأسه إلى الحاجبين مقدار الدرهم أجزأه، فمن لم يتمكن من ذلك أجزأه أن يسجد على ما بين الجبهة والصدغين منحرفا، فإن لم يتمكن من ذلك سجد على ذقنه.
وينبغي أن يتخوى في سجوده كما يتخوى البعير الضامر عند بروكه، ومعنى يتخوى يتجافا يقال: خوى البعير تخوية أي جافى بطنه عن الأرض في بروكه، وكذلك الرجل في سجوده وهو أن يكون معلقا لا يلصق عضديه بجنبيه ولا ذراعيه بعضديه ولا فخذيه ببطنه ولا يفترش ذراعيه كافتراش السبع بل يرفعهما ويجنح بهما ويكون نظره في حال السجود إلى طرف أنفه.
وجملة الأمر وعقد الباب في نظر المصلي في جميع صلاته على خمسة أضرب وهي مستحبة: حال قيامه قارئا إلى موضع سجوده، وفي حال قنوته إلى باطن كفيه، وحال ركوعه إلى ما بين قدميه وفي هذه الحال خاصة يستحب أن يكون مغمض العينين، وفي حال سجوده إلى طرف أنفه، وفي حال جلوسه إلى حجره.
ويكره للساجد أن ينفخ موضع سجوده فإن كان نفخه بحرفين فقد قطع صلاته، ولا بأس بأن تكون أعضاء السجود غير الجبهة مستورة وتقع على غير ما يجوز السجود عليه وإن كانت بارزة وعلى ما تقع عليه الجبهة كان أفضل، وينبغي أن يكون موضع سجوده مساويا في العلو والهبوط لموضع قيامه ويقول في السجود:
اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت وعليك توكلت وأنت ربي سجد لك وجهي وجسمي وشعري وبشري ومخي وعصبي وعظامي، سجد وجهي للذي خلقه وصورة وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين سبحان ربي الأعلى وبحمده، الواجبة واحدة والمستحب ثلاث، والأفضل خمس والأكمل سبع، وقد ذكرنا فيما تقدم فقه ذلك.