سجود التلاوة في جميع القرآن مسنون إلا أربع سور فإن فيها سجودا واجبا على ما قدمناه على القارئ والسامع والمستمع وهو الناصت، وذهب شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه: إلى أنه يجب على القارئ والمستمع دون السامع، وهو اختيار الشافعي، فأما باقي أصحابنا لم يفصلوا ذلك وأطلقوا القول بأن سجود أربع المواضع يجب على القارئ ومن سمعه، وهو الصحيح وعليه إجماعهم منعقد. وروى أبو بصير قال: قال أبو عبد الله ع: إذا قرئ شئ من العزائم الأربع فسمعتها فاسجد وإن كنت على غير وضوء وإن كنت جنبا وإن كانت المرأة لا تصلي.
وسائر القرآن أنت فيه بالخيار إن شئت سجدت وإن شئت لم تسجد، وينبغي للمرأة إذا أرادت السجود أن تجلس ثم تسجد لاطئة بالأرض مجتمعة واضعة ذراعيها على الأرض بخلاف ما ذكرناه في هيئة سجود الرجل، ولو كانت على هيئة الرجل لم تبطل صلاتها، ولو كان الرجل على هيئتها لم تبطل بذلك صلاته وإنما سن لها هذه الهيئة وللرجل تلك الهيئة، ثم يرفع رأسه من السجود رافعا يديه بالتكبير مع رفع رأسه ويجلس متمكنا على الأرض مفترشا فخذه اليسرى مماسا بوركه الأيسر مع ظاهر فخذه اليسرى الأرض رافعا فخذه اليمنى عنها جاعلا ظاهر ساقه اليمنى على بطن رجله اليسرى، فظاهرها مبسوطه على الأرض وباطن فخذه اليمنى على عرقوبه الأيسر، وينصب طرف إبهام رجله اليمنى على الأرض ويستقبل بركبتيه معا القبلة.
ولا بأس بالإقعاء بين السجدتين من الأولى والثانية والثالثة والرابعة، وتركه أفضل، ويكره أشد من تلك الكراهة في حال الجلوس للتشهدين، وقد يوجد في بعض كتب أصحابنا: ولا يجوز الإقعاء في حال التشهدين، وذلك على تغليظ الكراهة لا الحظر لأن الشئ إذا كان شديد الكراهة قيل: لا يجوز، ويعرف ذلك بالقرائن.
ويستحب أن يكبر الرافع رأسه من السجود بعد التمكن من الجلوس، وكذلك الراكع يكون قوله: سمع الله لمن حمده، بعد انتصابه قائما، وأنه إذا كان يكبر للدخول في فعل من أفعال الصلاة ابتدأ بالتكبير في حال الابتداء به، وإذا كان تكبيره للخروج عنه جعل التكبير بعد الانفصال عنه وحصوله فيما يليه.