فاعترافه بما يقول نافذ لا محالة، ويبقى الوصف الإضافي أو الشرط الإضافي أو الحادثة الجديدة قيد نزاع جديد، يكون عب ء إثباته على كل من يعتبر في هذا النزاع مدعيا وفق مقاييس تشخيص المدعي والمنكر في هذا النزاع، وبقطع النظر عن النزاع الأول نهائيا.
وهذا هو المناسب للاعتبار العقلائي أيضا، فإن النكتة في نفوذ الإقرار عقلائيا هي أحد أمرين:
الأول - أن معنى الإقرار هو إنهاء النزاع بالتسليم للخصم.
والثاني - هو قوة الكشف الموجودة في الإقرار. والأمر الأول لا يكفي عندنا كنكتة كاملة لحجية الإقرار بكل آثارها الفقهية، لأن إنهاء النزاع بالتسليم للخصم فعلا شئ، وحجية الإقرار - بمعنى إصدار الحكم من القاضي في صالح المقر له، وبمعنى أنه لا تحق له إثارة النزاع مرة أخرى - شئ آخر لا علاقة له بذاك. وعلى أي حال فسواء فرضنا النكتة العقلائية لنفوذ الإقرار هي الأمر الأول، أو الثاني، أو مجموعهما، فهي تقتضي ما قلناه، ولا تقتضي ما قالوه:
أما كون الإقرار إنهاء للنزاع بالتسليم للخصم فهذا ثابت في المقدار الذي اعترف به للخصم في المقام، أي أنه سلم لما يقوله خصمه من الدين، وأحدث نزاعا جديدا، وذلك بدعوى الوفاء - مثلا -، فلم لا تنهي المحكمة النزاع حول أصل الدين وتخضع دعوى الوفاء لقوانين باب المرافعة في حد ذاتها بشكل منفصل نهائيا عن النزاع الذي انتهى؟!!
وأما كاشفية الإقرار فهي ثابتة بقوتها في المقدار الذي اعترف به المقر لخصمه، وليست ثابتة في دعواه الأخرى التي ينكرها الخصم، فلماذا هذا الربط بين ما أقر به وبين مدعاه؟!! وإنما الذي يقتضيه الاعتبار هو الأخذ بإقراره فيما أقر به ومحاسبة ما ادعاه حسابا مستقلا.