ادعاء واقعة أخرى منفصلة عن تلك الواقعة ومتأخرة زمانا عنها، لكي يبطل بذلك مفعول تلك الواقعة كأن يقول: نعم، أنا معترف بما تدعيه من الدين، ولكنك قد أبرأت ذمتي بعد ذلك، أو يقول: ولكنني قد أوفيت لك، أو يقول: إنه حصل بعد ذلك دين آخر لي عليك فتساقط الدينان بالمقاصة.
أقول: ولعلهما أخطئا في ذكر شرط تأخر الواقعة الثانية عن الواقعة الأولى زمانا بتوهم أن الفرق بين المركب والموصوف يكون بالاقتران والتأخر، فإذا ادعى دينا مقترنا بالتأجيل - مثلا - فهذا هو الإقرار الموصوف، وإذا ادعى دينا سقط بعد ذلك بالوفاء أو المقاصة، فهذا هو الإقرار المركب.
وعلى أي حال فلا توجد أية نكتة عقلائية في التفرقة بين فرض كون الواقعة الثانية متأخرة زمانا أو مقارنة للأولى، وإنما الذي ينبغي هو أن يفترض الإقرار الموصوف عبارة عن الإقرار المتضمن لدعوى وصف مقارن للمدعى، والإقرار المركب عبارة عن الإقرار المتضمن لدعوى أمر منفصل في هويته عن المدعى يبطل مفعول المدعى سواء كان منفصلا عنه زمانا بالتأخر، أو مقارنا، أو متقدما زمانا، فلو أقر بإتلافه لمال المدعي مثلا، وادعى دينا آخر له على المدعي لكي يسقطا بالمقاصة، فلا فرق بين أن يفترض دينا مؤخرا عن الإتلاف أو مقارنا له أو سابقا عليه، إنما المهم أن هذا الدين الآخر منفصل تماما في هويته عن إتلاف مال المدعي، وليس وصفا أو شرطا لما يدعيه المدعي من قبيل وصف الأجل للدين أو ربط التعهد بشرط ما.
وعلى أية حال فالإقرار المركب أيضا لا إشكال عندهم في نفوذه في الجملة، وإنما الكلام يقع أيضا في التجزئة وعدمها فبناء على التجزئة يأخذ المدعي بإقرار المقر ويطالبه بإثبات الجزء الآخر، وبناء على عدم التجزئة يكون على المدعي أن يسلم بكل ما قاله صاحبه، أو يأخذه بإقراره في الجزء الأول، ويأخذ على عاتقه