فيبقى داخلا تحت الارتكاز، أما إذا رفضنا روايات عدم كفاية الإقرار الواحد بضعف السند، وتمسكنا بالروايات الدالة على كفايته السرقة فقد ثبت الحد أيضا لا بالارتكاز، كي يقال: إن روايات عدم كفاية الإقرار مرة واحدة توجب رغم ضعف سندها احتمال الردع، بل بالروايات الدالة على كفاية الإقرار مرة واحدة.
وقد تحصل من مجموع ما ذكرناه نفوذ الإقرار في باب القضاء مطلقا.
بقي الكلام في الإقرار الذي وقع أمام غير القاضي ثم بلغ القاضي بالبينة مثلا، فهل هذا نافذ، أو يشترط في نفوذ الإقرار كونه أمام القاضي؟
الظاهر أن الارتكاز يشمل كل إقرار ثبت لدى القاضي سواء وقع بمسمع منه، أو لا، وكذلك بعض إطلاقات أدلة الإقرار من قبيل ما دل على نفوذ إقرار الوارث في حصته، فإنه لم يقيد بخصوص الإقرار الذي كان بمحضر القاضي أو بمسمع منه.
وهذا الكلام منا إنما هو في باب القضاء، أما في باب الحدود فبالإمكان أن يقال في الحد الذي يكون بحاجة إلى شهود أربعة: إن الاقرار به لا يثبت بالبينة، أي بشاهدين، إذ لو كان نفس الزنا - مثلا - لا يثبت بشاهدين فكيف يحتمل ثبوته بإقرارات أربعة لم تثبت إلا بشاهدين؟! أما ثبوت الإقرار بشهود أربعة فبحاجة إلى دليل خاص لم يرد.
فإن قلت: إن الدليل على نفوذ شهادة الشهود الأربعة في إثبات الإقرار هو مطلقات دليل البينة، فمقتضى إطلاقها الأولي نفوذ شهادة عدلين لإثبات الإقرار، وبما أنه ثبت عدم نفوذ ذلك بالبيان الماضي فنحن نقيد هذا الإطلاق بإضافة شهادة عدلين آخرين إليها، أما إلغاء الشهادة نهائيا فهذا تقييد أكثر، وهو بحاجة إلى دليل مفقود.
قلت: لو فرض هذا النوع من التقييد عرفيا فإنما يتم لو كان لدينا دليل لفظي على حجية البينة يتمتع بالإطلاق اللفظي في ذاته، والواقع أن دليل حجية البينة إنما