الروايات من الردع عن ذلك، ولم يرد ردع عن نفوذ الإقرار إلا في موارد معدودة:
المورد الأول - بعض الحدود التي لا يكفي فيها الإقرار إلا أربع مرات، فهذا ردع عن نفوذ الإقرار فيما كان أقل من أربع مرات، وهذا الردع نأخذ به بلا إشكال، وقد أخذ به الأصحاب والفقهاء - رضوان الله عليهم - ولا يضر ذلك بما هو المتبنى عادة من نفوذ الإقرار في باب القضاء، فإن هذا خارج أصلا عن باب القضاء، واحتمال الفرق بين تلك الحدود وبين ثبوت القتل في باب النزاع وارد.
المورد الثاني - سقوط حكم القتل عند رجوعه عما أقر به في بعض الحدود، بل في مورد القصاص أيضا على ما عرفت من ورود رواية ضعيفة بذلك وهي مرسلة جميل.
وهذا أيضا لا يضرنا في المقام، لأنه بعد أن كانت الرواية الواردة في القصاص ضعيفة سندا، والروايات الواردة في الحدود احتمال الفرق بين موردها ومورد القضاء موجود، فغاية ما يفترض في المقام هو الشك في نفوذ الإقرار بعد الإنكار، وعلاج ذلك هو استصحاب نفوذه الثابت قبل الإنكار.
نعم، لو لم يثبت إقراره لدى القاضي إلا بعد إنكاره - أي أنه بعد الإنكار ثبت لدى القاضي أنه كان قد أقر قبل ذلك بالقتل - فهنا يكون استصحاب نفوذ الإقرار من سنخ الاستصحاب التعليقي بأن يقال: إن هذا الإقرار لو كان قد ثبت لدى القاضي قبل إنكاره لنفذ، والآن كما كان، فيتوقف البحث في المقام على المبنى المختار في باب الاستصحاب التعليقي، أما إذا كان الإقرار ثابتا لدى القاضي قبل الإنكار ثم أنكر بعد ذلك فلا إشكال في استصحاب نفوذ الإقرار.
المورد الثالث - موضوع السرقة حيث ورد فيه ما دل على عدم كفاية الإقرار الواحد، وأفتى المشهور بذلك إلا أن هذا لو قلنا به فإنما هو في جانب قطع اليد الذي هو حد من الحدود، أما جانب الضمان فلم يرد بشأنه شئ من هذا القبيل،