وثالثا - قد يقال: إن الرواية غاية ما يفترض فيها دلالتها على أن اليمين التي تذهب بحق المدعي بحيث لا يبقى له مجال لإقامة البينة إنما هي اليمين على نفي الواقع، وهذا لا ينافي افتراض أن اليمين على نفي العلم تجزي لحكم الحاكم وإن كان المدعي له الحق بعد هذه اليمين وقبل حكم الحاكم أن يقيم البينة على مدعاه. إلا أن يقال بأن الرواية ظاهرة في الإشارة إلى اليمين التي تكون على المنكر، وتدل على أن اليمين التي تكون على المنكر لو حلف بها سقط حق المدعي، فلو دلت الرواية أن ما تذهب بحق المدعي إنما هي اليمين على نفي الواقع فقد أصبحت اليمين على نفي العلم لغوا لا محالة.
3 - ورواية عبد الرحمان بن أبي عبد الله المشتملة على قوله: " وإن كان المطلوب بالحق قد مات فأقيمت عليه البينة، فعلى المدعي اليمين بالله الذي لا إله إلا هو لقد مات فلان وأن حقه لعليه... " (1).
ويرد على الاستدلال بها - مضافا إلى ضعف السند - أن هذه العبارة إنما هي بشأن المدعي الجازم، ولا تثبت المقصود بالنسبة للمنكر خصوصا غير الجازم، واحتمال الفرق وارد، وقد قلنا في ما سبق: إن اشتراط كون حلف المدعي على الواقع واضح، وإنما الكلام في المنكر.
والصحيح أننا لسنا بحاجة إلى روايات خاصة لإثبات أن اليمين على نفي الواقع، بل هذا هو مقتضى القاعدة المستفادة من روايات اليمين على المدعى عليه (2).
وتوضيح ذلك: أنه لو كانت الروايات بلسان: " اليمين على المنكر " لأمكن القول بأن هذا ظاهره هو اليمين على إنكار ما ينكر، فلو أنكر الواقع حلف على نفي الواقع، ولو أنكر العلم حلف على نفي العلم، بل قد يقال: حتى لو أنكر الواقع فهو