القضاء إنما يكون بالبينات والأيمان، وهذا يعني بإطلاقه أنه لو لم يحلف المنكر ولم يمتلك المدعي البينة وصلت النوبة إلى يمين المدعي.
ويمكن الإيراد على ذلك:
أولا - بأن روايات القضاء بالبينة والأيمان قد فسرت بروايات البينة على المدعي واليمين على من أنكر، فلنفرض أن قوله (صلى الله عليه وآله): " البينة على المدعي، واليمين على من أنكر " لم يدل على كفاية نكول المنكر في الحكم للمدعي بلا حاجة إلى يمينه، لكنه قد دل على أن البينات والأيمان - المذكورتين في روايات القضاء بالبينة والأيمان - أولاهما على المدعي، والثانية على المنكر، فإثبات اليمين على المدعي بعد نكول المنكر بروايات القضاء بالبينة واليمين والأيمان في غير محلة.
إلا أن هذا الإيراد يتوقف على أن تكون روايات البينة على المدعي واليمين على من أنكر ناظرة إلى تفسير روايات القضاء بالبينة والأيمان، أو دالة على حصر اليمين بالمنكر من باب أن التفصيل قاطع للشركة، أما لو لم تقبل النظر ولم تقبل الدلالة على الحصر بلحاظ ما بعد النكول - كما مضى - ففي ما بعد النكول نعود مرة أخرى إلى إطلاق قوله (صلى الله عليه وآله): " إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان ".
وعلى أي حال فهذا الإيراد من الواضح عدم وروده على مثل رواية سليمان بن خالد عن الصادق (عليه السلام) عن علي (عليه السلام): " أن نبيا من الأنبياء شكا إلى ربه فقال:
يا رب كيف أقضي فيما لم أر ولم أشهد؟ قال: فأوحى الله إليه: أحكم بينهم بكتابي، وأضفهم إلى اسمي، فحلفهم به، وقال: هذا لمن لم تقم له بينة " (1). فإن هذا ظاهر في النظر إلى المدعي الذي لا يمتلك البينة.
وثانيا - بأن روايات القضاء بالبينة والأيمان لا تدل على حصر وسائل