الجواب غير واضح، لأن حذف المتعلق لا يفيد العموم في فرض وجود مناسبة لانصرافه إلى غير المورد المطلوب، وندرة فرض السكوت كافية لمناسبة من هذا القبيل.
والتحقيق أن يقال: إن احتمال تحول الساكت إلى المدعي في نفس النزاع لو نطق غير وارد إطلاقا، وإنما الوارد هو احتمال تحوله إلى المقر، واحتمال بقائه منكرا، وتوضيح ذلك: إن المدعي حينما ادعى عليه الدين كانت دعواه منحلة في الحقيقة إلى دعويين: الأولى - دعوى الإقراض - مثلا -. والثانية - دعوى عدم الأداء.
وصاحبه لو أنكر الإقراض لم تصل النوبة إلى البحث عن الأداء: وكان الأول مدعيا والثاني منكرا. ولو أقر بالإقراض وادعى الأداء انتهى النزاع الأول، وتركز النزاع على مسألة الأداء وعدمه، فالأول منكر والثاني مدع، ولو سكت نهائيا عن الكلام فعلى الحاكم أن يصفي أولا حساب الإقراض، فإن ثبت لديه الإقراض وصلت النوبة إلى تصفية حساب الأداء، وإلا فلا موضوع للنزاع الثاني، وهذا الساكت بالنسبة للدعوى الأولى يستحيل تحويله - لو نطق - إلى المدعي، بل إما سيكون منكرا، أو مقرا، فصح القول بأن الساكت كالناكل أو أشد، فإن قلنا في الناكل بالحكم عليه من دون تحليف المدعي قلنا به هنا أيضا، وإن قلنا بتحليف المدعي قلنا به هنا أيضا. هذا لو آمنا بانحلال دعوى الدين إلى دعوى سبب الدين ودعوى عدم الأداء، أو صرح المدعي بالسبب وبعدم الأداء. أما لو لم يصرح بذلك، ولم نقل بالانحلال، فهنا دعوى المدعي عبارة عن كون المدعى عليه مدينا له، والمدعى عليه أيضا سوف لن يتحول بالإجابة على نص الدعوى إلى المدعي، بل إما أن يقر بالدين أو ينكره، وإنما يتحول إلى المدعي لو فصل بأكثر من نص الدعوى، فقال:
كنت مدينا له ثم وفيت، وهذا أيضا يعني في الحقيقة تحول النزاع من كونه نزاعا على الدين إلى نزاع جديد، وهو النزاع على الوفاء، لا تحولا للمنكر إلى المدعي في نفس