القضاء بشكل مطلق بالبينة واليمين، بحيث يكون القضاء بالقرعة أو بقاعدة العدل والإنصاف أو نحو ذلك تخصيصا لها، وإنما المفهوم منها عرفا بمناسبات الحكم والموضوع أن القاضي لا يتجاوز هاتين الوسيلتين إلى غير هما في عرضهما، أما لو انتفت الوسيلتان فليس المفهوم عرفا من هذه الروايات إيقاف القضاء، وفيما نحن فيه قد انتفت البينة لعدم امتلاك المدعي للبينة، وانتفت اليمين بنكول المنكر، فإذا حكم القاضي بالنكول لصالح المدعي لم يكن تخصيصا لروايات القضاء بالبينات والأيمان.
ويمكن الجواب على ذلك بأن اليمين لم تنتف بعد، لإمكان عرضها على المدعي.
وعلى أي حال فمن الواضح عدم ورود هذا الإشكال أيضا على مثل ما عرفته من رواية سليمان بن خالد الناظرة إلى يمين المدعي عند عدم وجدانه للبينة.
وثالثا - بأن الحكم بمجرد نكول المنكر لا ينافي قاعدة كون القضاء بالبينات والأيمان، فإن هذا أيضا قضاء باليمين، لأن القاضي قد وجه اليمين إلى المنكر حسب الفرض، ولكنه نكل عن اليمين، فالقضاء بالنكول قضاء باليمين نكولا.
إلا أن الواقع أن هذا خلاف الظاهر، فإن ظاهر القضاء باليمين هو القضاء استنادا إلى ذات اليمين لا النكول عنها.
الثالث - ما جاء أيضا في مباني تكملة المنهاج (1) من أن الأصل يقتضي عدم جواز الحكم بمجرد النكول.
ويمكن أن يورد على ذلك بأن المدعي لو حلف بعد نكول المنكر فلا إشكال في أن الحق للمدعي: إما بنكول المنكر، أو بحلف المدعي، أما لو نكل هو أيضا فقد دار الأمر بين الحكم بنكول المنكر والحكم بنكول المدعي، والروايات الدالة على الحكم بنكول المدعي إنما كانت واردة في رد اليمين من قبل المنكر على المدعي، والمفروض