بيمين المنكر بالعموم من وجه في مورد الإقرار بعد اليمين، ويرجح عليه بالإجماع على جواز أخذ الحق للمدعي بعد إقرار المنكر، وبحديث مسمع أبي سيار.
أقول: لو تم حديث مسمع أبي سيار أو الإجماع دليلا على جواز أخذ الحق عند الإقرار رغم اليمين، فهو دليل مستقل، وليس مرجحا لدليل حجية الإقرار، وإلا فلا قيمة له ولا يرجح أيضا دليل حجية الإقرار، على أن إطلاقا لفظيا تام السند في باب الإقرار نرجع إليه في مثل المقام غير موجود، ولو سلمنا وجوده وتعارض بالعموم من وجه مع دليل سقوط حق المدعي بيمين المنكر، فهذا الدليل يقدم على دليل الإقرار بالحكومة، لأنه ناظر إلى كل ما يفرض - بغض النظر عن اليمين - من حق للمدعي بما فيه حق نفوذ إقرار المنكر.
والعمدة في إثبات جواز أخذ المدعي لحقه بعد إقرار المنكر رغم اليمين ما عرفته من الوجهين الأولين من الوجوه الثلاثة التي ذكرناها.
هذا إذا أقر المنكر، واستعد لتقديم المال إلى المدعي، أما لو أقر المنكر من دون استعداده لتقديم العين التي أقر بها، كما لو كان إقراره بعنوان التحدي، كأن يقول له:
إن المال مالك، ولكني استطعت أن أغصبه منك وأتغلب عليك في المحكمة باليمين، فهل يجوز للمدعي أن يأخذ منه المال قهرا، أو لا؟
الظاهر التفصيل بين ما إذا وقع ذلك في غياب القاضي، وما إذا وقع بمسمع من القاضي صدفة، ففي الأول لا يجوز للمدعي أخذ ماله قهرا على المنكر، إذ لا يأتي فيه شئ من الوجوه الثلاثة التي ذكرناها، أما حديث أبي سيار فواضح، إذ مورده فرض التوبة، وأما الثاني فلأنه لم ينته الأمر إلى أن هذا يسلم المال والآخر يجب عليه الرفض الذي قلنا: إنه خلاف الارتكاز، وأما الأول فلأن التخاصم والتكاذب في قاموس القضاء لم ينته.
وفي الثاني وهو ما إذا وقع الإقرار بمسمع من القاضي صدفة، فالتخاصم