مورد استعد المدعي لغض النظر عن حقه الذي استولى عليه المنكر لفترة من الزمن، ثم استئناف المخاصمة بعد ذلك أمر لا دليل عليه، فقد يتعلق غرض المدعي بتأجيل المخاصمة بأمل حصوله على البينة، أو على إقرار المنكر، أو على ارتداعه من اليمين الفاجرة، أو غير ذلك، ولا دليل على أن يكون للحاكم حق إجبار المدعي على عدم تأجيل المخاصمة بعد رفعها إليه.
وأما الثاني - فلوضوح أن قوله: " البينة على المدعي واليمين على من أنكر " بصدد بيان من يقع على عاتقه عب ء البينة، ومن يقع على عاتقه. عب ء اليمين، أما بعد أن اتضح أن من عليه اليمين هو المنكر، هل الذي يطالب باليمين هو الحاكم ابتداء، أو المدعي، ويكون الحاكم منفذا لطلب المدعي؟ فهذا مطلب آخر لا علاقة له بمفاد الحديث.
وأما الثالث - فلأن قوله: " حلفهم به " تعليم للقاضي بطريق القضاء الثابت له بعد فقد البينة، وبيان لعدم انسداد طريق القضاء بمجرد فقدان البينة، أما أنه كيف يعمل القاضي هذا الطريق؟ هل من تلقاء نفسه أو بطلب من المدعي؟ فهذا لا علاقة له بالحديث.
وقد يذكر للثاني وهو ضرورة كون التحليف بطلب المدعي وجهان: (1) الأول - مقتضى القاعدة. لأن التحليف - على حد تعبير صاحب الشرائع (رحمه الله) حق للمدعي، فيتوقف استيفاؤه على المطالبة.
وأورد عليه صاحب الجواهر (رحمه الله): بأن كون الحق للمدعي لا يقتضي أكثر من ضرورة كون تحليف المنكر برضا المدعي الذي قد يستكشف بشاهد الحال. أما ضرورة كون ذلك بمطالبة المدعي فلا يدل عليها هذا الوجه.