أما قبول الإسلام بالقرعة في باب القضاء فلعله ناتج عن مجموع نكتتين:
إحداهما - أن القرعة جعلت بعد فرض العجز عن الحلول الأخرى، وعند ذلك لا يضر عدم كاشفيتها، فهي جعلت لخصم الدعوى لا لكشف الحقيقة.
والثانية - أن إنكار الكاشفية على الإطلاق محل منع، فإن هذا وإن كان متجها في فقه وضعي مبتن على غض النظر إطلاقا عن افتراض وجود إله للعالمين، لكنه غير متجه في فقه يؤمن برب العالمين. ويعتقد أن تفويض الأمر إلى الله في القرعة يوجب تأثير القرعة من ترجيح أحد الطرفين ولو بمستوى من مستويات الترجيح.
وأما النقطة الثالثة - فقد عرفت أن نظر الإسلام يختلف فيها عن نظرهم، فالاسلام وضع ضوابط موضوعية كاملة لتقسيم البينة، ولم يترك الأمر إلى القاضي وذوقه. وبهذا المقدار نكتفي في الكلام عن البينة، وكان هذا هو الطريق الثاني من طرق الإثبات في باب القضاء.