البينتين لو كانتا صادقتين فهما ناظرتان إلى واقعة واحدة، لعدم إمكان التكرار، كما في الشهادة بإقراضين لعين واحدة في ساعة واحدة في مكانين، أو لاستبعاده في مدة قصيرة - مثلا - إلى حد الاطمئنان بالعدم، كفاصل خمس دقائق مثلا، فهنا لا يبعد القول عرفا بأن أصل الإقراض - مثلا - قد ثبت بالبينتين وإن اختلفتا في الزمان أو المكان، فإن الفارق الموجود في كلام البينتين وإن كان مفردا للجامع فلسفيا، لكن العرف في مثل هذه الحالة يفترض أن هناك واقعة واحدة ثبتت بالبينتين، وأن الخلاف في الخصوصية لم يسر إلى أصل الواقعة.
هذا على شرط أن لا يكون الخلاف بنحو يشكل قرينة عقلائية على كذب إحدى البينتين، أو خطائها بحيث يوجب سقوط البينة بالاتهام.
الفرض الثاني - أن تصرح إحدى البينتين بأنها تنظر إلى نفس الواقعة التي شهدتها البينة الأخرى، لأنهما كانتا حاضرتين أمام واقعة واحدة وإن اشتبهت إحداهما في خصوصية الزمان أو المكان، فالكلام في هذا الفرض أيضا هو عين الكلام في الفرض الأول.
الفرض الثالث - أن لا يكون قطع أو اطمئنان عرفي على وحدة الواقعة المشهود بها على تقدير الصدق، ولا تدعي البينة ذلك أيضا، غاية ما هناك أن المدعي معترف بعدم تكرر الواقعة. فهنا لا يبعد القول بأن كل فرد من فردي الجامع قد تعارضت فيه البينتان وتساقطت، وبالتالي لم يثبت شئ بالبينة.
وقد يقال في المقام بترجيح إحدى البينتين بالأكثرية أو بالقرعة تعديا من مورد الروايات الماضية.
والجواب: أنه قد عرفت فيما سبق أن ترجيح إحدى البينتين بالأكثرية أو القرعة إنما كان بمعنى تعيين من عليه الحلف، وفي المقام ليس الكلام فيمن عليه الحلف فإنه معين وهو المنكر.