وأما ما دل على التقسيم في باب الأموال فهو بعض الروايات إضافة إلى ما قد يدعى من السيرة العقلائية على قاعدة العدل والإنصاف.
وقد أفاد أستاذنا الشهيد - رضوان الله عليه - (1): أن الاستدلال بالسيرة العقلائية على قاعدة العدل والإنصاف غير صحيح سواء أريد بذلك دعوى السيرة على القاعدة في نفسها وبغض النظر عن باب الخصومة والقضاء، أو أريد به دعوى السيرة عليها في خصوص باب الخصومة والقضاء:
فلو أريد الأول ورد عليه منع وجود سيرة من هذا القبيل، فلو تمت سيرة على قاعدة العدل والإنصاف فإنما هي في باب الخصومة بنكتة فصل الخصومة ورفعها والتنصيف يصلح لذلك، وليست على الإطلاق.
ولو أريد الثاني ورد عليه: أنه إن ثبتت السيرة في باب القضاء فهي مردوعة بإطلاق الأخبار الدالة على أن القضاء إنما هو بالبينات والأيمان، إذن فلا يجوز فصل الخصومة بقاعدة العدل والإنصاف إلا بنص خاص. وعلى أي حال فلا حاجة لنا في فصل الخصومة إلى هذه السيرة لدلالة النص الخاص على قاعدة العدل والإنصاف فيه، حيث ورد - في فرض تعارض البينتين وعدم مرجح لإحداهما على الأخرى - الحكم بالتنصيف، ونتعدى من فرض تعارض البينتين المتساويتين إلى ما لم تكن هناك بينة أصلا، لأن الظاهر عرفا من الكلام أن الحكم بالتنصيف يكون بنكتة أن البينتين بعد التعارض وعدم المرجح كالعدم، فتتجه هذه القاعدة في مقام فصل الخصومة حتى مع عدم وجود البينة. انتهى ما أردنا نقله عن أستاذنا الشهيد (رحمه الله).