القرعة " (1)، فإن دل هذان الحديثان بالسكوت على عدم الضمان قيدا بالحديث الأول، بل يقال: إن الحديثين الأخيرين إنما لم يذكرا الضمان، لأن المتعارف من موردهما هو الزنا الذي لا حرمة للولد فيه شرعا، وإنما حكم فيهما بالقرعة لمجرد خصم النزاع بينهم في تعيين الأب التكويني للولد، بينما الحديث الأول ورد في واقعة وقعت في زمان الجاهلية، ففرض علي (عليه السلام) حرمة للولد قبل نزول الإسلام بأحكام الزنا، فلا تعارض بين الروايات حتى بالإطلاق والتقييد.
فإن قيل: إن تطبيق علي (عليه السلام) لقاعدة العدل والإنصاف في زمان الجاهلية لا يثبت صحتها في الإسلام.
قلنا: إن نقل الإمام الصادق (عليه السلام) لهذه القصة له ظهور عرفي في إمضاء هذا الحكم في الإسلام.
وبهذا تم الاستدلال بهذا الحديث على قاعدة العدل والإنصاف، إلا أنه لا بد هنا أيضا من الاقتصار في الاستدلال على ما يكون من قبيل مورد الحديث من فرض الجهل بالحال من قبل الطرفين، فلا يتعدى إلى فرض دعوى كل منهما العلم مع نكولهما عن القسم مثلا.
وقد تحصل من ذلك: أن الصحيح في هذا الفرع الرابع في باب الأموال هو التقسيم بقاعدة العدل والإنصاف التي ثبتناها في موارد جهل الطرفين، وفي غير باب الأموال هو القرعة.
هذا تمام الكلام في الفرض الأول من تعارض البينتين، وهو تعارض بينتي المتداعيين مع ما ألحقنا به من فروع أخرى.