فمتن رواية غياث ما يلي:
" عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام) اختصم إليه رجلان في دابة وكلاهما أقاما البينة أنه أنتجها، فقضى بها للذي في يده، وقال: لو لم تكن في يده جعلته بينهما نصفين ".
فقوله: " قضى بها للذي في يده " يقتضي بإطلاقه الثابت بملاك ترك ذكر أنه حلفه أولا (وهو شبيه بملاك ترك الاستفصال) أنه يقضى للمنكر بلا حاجة إلى يمينه، لكن هذا الإطلاق مقيد برواية إسحاق، وهي ما يلي:
" عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن رجلين اختصما إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في دابة في أيديهما وأقام كل واحد منهما البينة أنها نتجت عنده، فأحلفهما علي (عليه السلام) فحلف أحدهما وأبى الآخر أن يحلف، فقضى بها للحالف فقيل له: فلو لم تكن في يد واحد منهما وأقاما البينة؟ فقال: أحلفهما فأيهما حلف ونكل الآخر جعلتها للحالف، فإن حلفا جميعا جعلتها بينهما نصفين. قيل: فإن كانت في يد أحدهما وأقاما جميعا البينة؟
قال: أقضي بها للحالف الذي هو في يده ".
فقوله: في ذيل الحديث: " أقضي بها للحالف الذي هو في يده يقيد إطلاق رواية غياث، وبذلك يثبت: أن المقصود بقوله في رواية غياث: " قضى بها للذي في يده " أنه قضى بها له بعد تحليفه، وبها أنها قضية في واقعة فهو منصرف إلى ما هو المألوف من حلف ذي اليد - عند تحليفه - دون نكوله، وبما أن الضمير في قوله: " لو لم تكن في يده جعلته بينهما نصفين " راجع إلى نفس هذا الشخص في هذه القصة بفرق فرض عدم اليد... لا ينعقد له إطلاق لفرض النكول.
على أننا لو عملنا بروايات التقسيم لدى تعارض البينات جاء فيها احتمال كون التقسيم فيها نوع عمل بالبينات المتعارضة لا عملا بقاعدة العدل والانصاف كقاعدة مستقلة في ذاتها حتى يتعدى إلى فرض عدم البينة.