صدقهما معا بأن يكون أبو الثاني هو الذي غصب الدار من الأول.
وقد مضى فيما سبق عند الكلام في التعارض بين بينة المدعي وبينة المنكر: أنه لو كانت الدار في يد مدعي الإرث، فمدعي الإرث وإن كان منكرا في الحقيقة، لأنه له اليد على المال، لكنه يشبه المدعي، لأنه لم يكذب مدعي الملكية، وادعى الإرث من أبيه، ومضى هناك: أن النص الخاص دل في مثل المقام:
أولا - على أن أكثرهم بينة يستحلف.
وثانيا - على أنه لو وقع التصريح بما ينفي التعارض المحتمل بأن قال مدعي الملكية: إن أبا هذا الذي يدعي الإرث هو الذي غصب الدار مني مثلا، نفذت بينة المدعي وكانت الدار له.
وكان النص الخاص عبارة عن رواية أبي بصير قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يأتي القوم فيدعي دارا في أيديهم ويقيم البينة، ويقيم الذي في يده الدار البينة أنه ورثها عن أبيه، ولا يدري كيف كان أمرها؟ قال: أكثرهم بينة يستحلف وتدفع إليه... قال: فسألته حينئذ فقلت: أرأيت إن كان الذي ادعى الدار قال: إن أبا هذا الذي هو فيها أخذها بغير ثمن، ولم يقم الذي هو فيها بينة، إلا أنه ورثها عن أبيه؟
قال: إذا كان الأمر هكذا فهي للذي ادعاها، وأقام البينة عليها " (1).
أقول: وأضيف هنا أمرا ثالثا وهو أنه لو تساوت البينتان ولم يقع التصريح بما ينفي التعارض المحتمل فلا يبعد القول بأن المرجع هو تحليفهما، فلو حلف أحدهما أخذ الدار، ولو حلفا معا قسمت بينهما، ولو نكلا معا عين الواقع بالقرعة.
والوجه في ذلك: أن ما ورد في رواية أبي بصير من قوله: " أكثرهم بينة يستحلف " وإن كان واردا في خصوص ما إذا كانت إحدى البينتين أكثر عددا،