ولكن لا يبعد أن يكون المفهوم من ذلك عرفا: أن ذا ليد المدعي للإرث اعتبر في المقام كأنه مدع، وليس منكرا، أي أن المورد كأنه مورد التداعي، لا مورد المدعي والمنكر، ذلك لأن المركوز متشرعيا أن الحلف في باب المدعي والمنكر إنما هو على المنكر، فلو تشخص المنكر من المدعي فالحلف عليه، ولو كانا على حد سواء في الادعاء والإنكار فهو الذي قد ورد فيه ما يدل على أن الأكثرية العددية للبينة تجعله بمنزلة المنكر، فمعنى قوله: " أكثرهم بينة يستحلف " هو أن مدعي الإرث لا يعتبر في المقام منكرا رغم أنه صاحب اليد، بل هو كالمدعي، ولهذا نلتجئ إلى الترجيح بالأكثرية العددية لتشخيص من عليه الحلف، فلو تم هذا الاستظهار كان المفهوم من الحديث عرفا: أن هذا المورد ملحق بباب التداعي سواء كانت هناك أكثرية عددية، أو لم تكن، وسواء كانت هناك بينة، أو لم تكن، وكون الأكثر بينة هو الذي يعتبر بمنزلة المنكر ويستحلف إنما هو نتيجة أن المورد دخل في باب التداعي، لا أن إلحاقه بباب التداعي خاص بخصوص فرض الأكثرية العددية في البينة، أو أنه الحق به في خصوص الترجيح بالعدد لا غير.
وبكلمة أخرى: أن موضوع روايات تحليفهما والتقسيم والقرعة مركب من ثلاثة أجزاء:
أحدها - اختلاف البينات والتخاصم، ويكفي في صدق ذلك حرفيا الاختلاف الواقع في المقام بينهما في النتيجة العملية.
والثاني - كون المورد مورد التداعي، لا المدعي والمنكر لاختصاص بعضها من أول الأمر بذلك، وتخصيص البعض الآخر - وهي بعض روايات القرعة - بما دل في المدعي والمنكر على غير ذلك، ورواية أبي بصير تكفلت - بحسب الفهم العرفي - لإدخال المقام - ولو تعبدا وتنزيلا - في باب التداعي، أو يقال في إطلاق روايات القرعة: إنه لم يخرج منها من أول الأمر بالتخصيص إلا المدعي والمنكر الصريحين في