وأما شرط التفريق بين الشهود أو الشهادة شفها وجها لوجه، أو عدم الاعتماد إلا على ذاكرته أو الأداء عند حضور الخصوم أو نحو ذلك من الأمور، فهي في وجه نظر الفقه الإسلامي ليست شروطا بمعنى عدم نفوذ شهادة الشاهد بدونها، وهي احتياطات اتخذها الفقه الوضعي بعد إغفال شرط العدالة، ولكن لا يبعد القول بأن من حق الحاكم فرض أمر من هذا القبيل أو غيره مقدمة للحكم لأجل تقصي الحقيقة مما هو ليس واجبا بحد ذاته في نفوذ الحكم، كما قد يستفاد ذلك من أقضية أمير المؤمنين (عليه السلام) التي لعلها مستفيضة إجمالا، والمشتملة على إعمال نكات زائدة على أصل القانون القضائي الواجب من البينة واليمين، والتي قد يستظهر منها إعمال ولاية قضائية لا إعمال ولاية الإمامة، ولو حملت على إعمال ولاية الإمامة، نتعدى إلى الفقيه بمبدأ ولاية الفقيه.
وقال فقهاء الفقه الوضعي أيضا باشتراط التمييز، فلو لم يوجد التمييز لهرم أو حداثة أو مرض أو لأي سبب آخر، لم تنفذ الشهادة (1).
وقالوا أيضا: لا يجوز الجمع بين صفتي الشاهد والقاضي، ولا بين صفتي الشاهد وكاتب الجلسة، ولا بين صفتي الشاهد والمترجم، فإذا حصل الجمع لم تنفذ الشهادة وبطل الحكم (2).
أما الجمع بين صفتي الشاهد والقاضي، فيعني في لغتهم نفوذ علم القاضي، وقد مضى الحديث عنه مفصلا، وأما الجمع بين صفتي الشاهد والكاتب أو المترجم، فقد علل ذلك بتأثره بشهادته مما قد تؤثر على كتابته أو ترجمته (3). وفي الشريعة