إطلاق الجملة الأولى لفرض عدم اللوث مع الظهور في وحدة السياق يتعارضان، لأن المقيد المنفصل للجملة الثانية دل على كذب أحدهما إجمالا، فتصبح الجملة الأولى بحكم المجمل، فنرجع في غير فرض اللوث إلى القاعدة العامة التي تقتضي أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر المستفادة مما ورد - بسند تام - عن جميل وهشام عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): البينة على من ادعى واليمين على من ادعي عليه " (1). هذا بناء على أن المقيد منفصل. وهو بعض الروايات الدالة على اشتراط قسامة خمسين من طرف المدعي باللوث.
أما إذا افترضنا المقيد متصلا، وهو قوله في آخر حديث أبي بصير: " لئلا يبطل دم امرئ مسلم " بأن استظهرنا من هذا الاختصاص بفرض اللوث، فلا يأتي تقريب التعارض بين الإطلاق ووحدة السياق، لأن المقيد المتصل لو اختص بإحدى الجملتين، لانثلمت وحدة السياق، ولكن لو كان هذا الذيل وهو قوله: " لئلا يبطل دم امرئ مسلم " دالا على قيد اللوث، فهذا يكون مقيدا لكلتا الجملتين، وهما قوله: " البينة على من ادعي عليه، واليمين على من ادعى "، فالمشكلة محلولة من أساسها، ونرجع في فرض عدم اللوث إلى القاعدة الأصلية، وهي أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر.
والثاني - أن يقال: إن ما ورد من أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر، وكذلك ما ورد في خصوص الدم من أن البينة على من أنكر واليمين على المدعي يدل - بإيحاء من كلمة البينة وارتكازية كفاية البينة في الاحتجاج مع الخصم وغيره - على أن شهادة العدلين بينة كافية على الواقع في حدود المرتكزات العقلائية، ولا شك أن نفوذ بينة مدعي الدم بلا لوث داخل في الارتكاز العقلائي.