الأصل بعد الحكم.
نعم، لو كان هذا التكذيب كاشفا في نظر الحاكم عن عدم تمامية شرائط الحجية حين الحكم، كان عليه التراجع عن الحكم. وهذا فرض أمر زائد غير داخل في موضوع بحثنا. أما كيف يتفق أن يكون التكذيب كاشفا عن عدم تمامية شرائط الحجية؟ فهو من قبيل ما لو أورث هذا التكذيب العلم الإجمالي بفسق الفرع أو الأصل، لكون أحدهما كاذبا، فعلى كل تقدير يسقط الفرع عن الأثر إما لفسقه، أو لفسق الأصل الذي شهد الفرع على شهادته. أما لو احتملنا الخطأ في أحدهما أو طرو الفسق على الأصل بعد الشهادة، إذن لم ينكشف خطأ الحكم.
وعلى أي حال فإذا كان التكذيب قبل حكم الحاكم، فقد نطقت الروايات - كما عرفت - بأن بينة الفرع تقدم بالأعدلية، أما إذا تساويا أو كان الأصل أعدل، لم تثبت شهادة الأصل ببينة الفرع.
والظاهر من الروايات أن بينة الفرع المؤتلفة من شاهدين يجب أن يكون كلاهما أعدل من الأصل كي تثبت شهادة الأصل بذلك، إذ لو كان أحدهما مساويا، أو أقل عدالة فقد سقطت شهادته بحكم هذه الروايات، وبالتالي لم تتم لنا شهادة شاهدين عدلين.
وهل تقوم مقام أعدليتهما زيادة العدد بأن يشهد شهود أربعة مثلا على شهادة الأصل؟ هذا مشكل، لعدم وضوح تعد عرفي بحيث يرجع إلى ظهور لفظي للدليل، وعدم القطع العقلي بعدم الفرق.
وهل تقوم مقام شهادة العدلين على شهادة الأصل شهادة رجل وامرأة عليها، أو لا؟ الجواب بالنفي، ليس فقط لعدم الدليل على نفوذ شهادة المرأة في المقام، بل لدلالة الحصر - أيضا - الوارد في روايتي طلحة بن زيد وغياث بن إبراهيم الماضيتين على ذلك، حيث جاء في الأولى: " كان لا يجيز شهادة رجل على رجل إلا