وقد مضى حديث الحلبي التام سندا: " تجوز شهادة النساء مع الرجل في الدين؟ قال: نعم "، ومضى - أيضا - حديث داود بن الحصين: " قلت: فأنى ذكر الله - تعالى - قوله: * (فرجل وامرأتان) *؟ فقال: ذلك في الدين... ".
بل قد ورد أيضا ما دل على نفوذ شهادة النساء في الدين بلا رجل، وهو ما عن الحلبي - بسند تام - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أجاز شهادة النساء في الدين وليس معهن رجل " (1). وقد فهم السيد الخوئي من هذا الحديث الإطلاق لفرض شهادتهن بلا يمين المدعي وشهادتهن مع يمينه، ولو تم هذا الفهم كان الحديث معارضا للآية الكريمة التي قيدت قبول شهادة النساء بوجود رجل معهن، إلا أن السيد الخوئي قيد حديث الحلبي بحديث آخر للحلبي تام السند أيضا عن أبي عبد الله (عليه السلام): " أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أجاز شهادة النساء مع يمين الطالب في الدين يحلف بالله إن حقه لحق " (2).
والظاهر أنهما رواية واحدة، فهما معا واردان عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله). والمتن واحد باستثناء ذكر قيد اليمين في أحدهما دون الآخر، ولا يخفى أن عدم ذكر قيد اليمين لا يشكل إطلاقا للحديث، فإن الحديث قضية في واقعة، فقوله: - " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أجاز شهادة النساء في الدين وليس معهن رجل " - نقل لواقعة وقعت، ولا يدل على أنه لم يضم في تلك الواقعة يمين المدعي إلى شهادة النساء حتى يقيد أحد النقلين بالنقل الآخر. نعم، لا بد - على أي حال - من تكميل أحد النقلين بالنقل الآخر لمعرفة تمام المقصود.