أما ما يعارض هذه الأحاديث فهو ما مضى عن أبان عن عبد الرحمان قال:
" سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المرأة يحضرها الموت وليس عندها إلا امرأة، تجوز شهادتها؟ قال: " تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجال " (1). وقد يكون مقتضى الجمع العرفي بين هذا الحديث والأحاديث السابقة هو التقييد، لأن مقتضى إطلاق الأحاديث السابقة عدم قبول شهادة النساء في الحدود مطلقا، وهذا الحديث دل على قبول شهادة النساء في الحدود إذا كان معهن رجال، فهذا أخص من تلك.
وذكر السيد الخوئي: أن ذيل الحديث وهو قوله: " وقال: تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجال " غير ثابت، لأنه وإن نقله الشيخ - بسنده إلى الحسين بن سعيد - عن القاسم عن أبان عن عبد الرحمان، ولكن نفس الحديث رواه الكليني بسند معتبر عن أبان عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله (2) من دون هذا الذيل، ورواه أيضا الشيخ - بسنده إلى الحسين بن سعيد - عن فضالة عن أبان عن عبد الله بن سنان في التهذيب وعبد الله بن سليمان في الاستبصار (3)، ومتن الرواية واحد في الجميع، فالأمر يدور بين الزيادة والنقيصة، ومن البعيد افتراض أن أبان يرويها تارة مع الذيل وأخرى بدونه، مضافا إلى أن الكليني أضبط في الرواية من الشيخ، و لا سيما أن روايته مؤيدة برواية الشيخ نفسه (4).
ولعله يشير بقوله: " إن رواية الكليني مؤيدة برواية الشيخ نفسه " إلى أن الشيخ (رحمه الله) قد روى نفس الرواية عن الكليني من دون الذيل.