الاستصحاب.
ولكن الواقع أن هذا الحديث أجنبي عما نحن فيه، لأنه ليس في مفروض القضية التي هي مورد الحديث شخص ادعى أنه باعها أو وهبها إياه، ولو كان ذلك لكان عليه أن يقيم البينة على المولى، إذن فتكفي شهادة البينة بالملكية السابقة مع عدم علمها بالبيع والهبة لإثبات مملوكيتها له، وهذا هو المقصود بما في هذا الحديث.
ولا بأس بأن نشير إلى ما في ذيل هذ الحديث من الحكم بدفع البنت إلى المرأة المدعية لكونها بنتا لها عند تعارض البينتين، فهل هذا مجرد حكم تعبدي بحت، لأن مقتضى القاعدة تساقط البينتين وتخلية سبيل الجارية تذهب حيث تشاء، كما جاء في هذا الحديث في فرض عدم البينة لأي واحد منهما؟ الظاهر أنه ليس حكما تعبديا بحتا، بل هو حكم مطابق لمقتضى القواعد. وتوضيح ذلك:
أن فروض قيام البينة التي تعرض لها الحديث ثلاثة:
الأول - قيام البينة لصالح الرجل تشهد على أنها مملوكة للرجل، وهنا يحكم بكونها مملوكة للرجل، وتدفع إليه. ولم يفرض في ذلك شهادتها بنفي البنوة للمرأة، ولا أثر لذلك في مورد الدعوى، فإنها لو كانت مملوكة للرجل وفي نفس الوقت بنتا للمرأة، لا بد من دفعها إليه.
والثاني - قيام البينة لصالح المرأة تشهد على أنها بنت المرأة، وهنا تسلم إلى المرأة لكونها بنتا لها. ولم يفرض في الحديث شهادة البينة على نفي رقيتها له، ولا أثر لذلك، فإن الرقية منفية حتى مع عدم شهادة من هذا القبيل وذلك بالأصل، فيكفي لدفعها إليها شهادة البينة ببنوتها لها.
والثالث - قيام بينة لصالح الرجل، وقيام بينة أخرى لصالح المرأة. ولم تفرض في البينة الأولى أكثر من الشهادة بمملوكيتها للرجل دون الشهادة بنفي البنوة لها، وكان هذا كافيا لكونها في صالح الرجل، لما قلنا من أنها لو كانت مملوكة له وفي نفس