التحكيم أيضا لا بد من نصبه، إلا أن نصبه يكون في طول التحكيم، بينما كلامنا الآن في النصب العام من قبل المعصوم قبل التحكيم.
والجواب: أن (فاء) التعليل في قوله: " فإني قد جعلته حاكما " الذي علل به قوله:
" فليرضوا به حكما " ظاهر عرفا في أن النصب ثابت في الرتبة السابقة على التحكيم، فكأنه يقول: هذا منصوب من قبلي حاكما فتحاكموا إليه. وهذا هو القاضي المنصوب.
هذا، وقد يقال: إن هذا الحديث لا يفيدنا في زماننا لأنه إنما دل على النصب من قبل الإمام الصادق (عليه السلام) بوصفه وليا للأمر فيختص بزمانه، أما في زماننا هذا فنحن بحاجة إلى النصب من قبل إمام العصر، أي يجب أن نرجع إلى التوقيع مثلا لإثبات منصب القضاء للفقيه لا إلى المقبولة.
والجواب: أن ظاهر هذا الحديث بإطلاقه هو الجعل المستمر إلى أن ينسخ، والإمام المعصوم تكون ولايته شاملة لما بعد وفاته لإطلاق دليل ولايته، ولم يثبت نسخ هذا النصب من قبل إمام متأخر.
هذا تمام الكلام في الحديث الثاني من أحاديث النصب.
الحديث الثالث - ما ورد عن أبي خديجة بسند تام عن الصادق (عليه السلام): " إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم، فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه " (1). وسيأتي إن شاء الله أن حمل هذا الحديث على قاضي التحكيم خلاف الظاهر.