حجية البينة في نظر العقلاء، وما نحن فيه من هذا القبيل.
وأما التفصيل بين ما لو نفت بينة التزكية سبب الجرح الذي تذكره بينة الجرح وعدمه، فيعرف وجهه بالرجوع إلى النكتتين اللتين ذكرناهما لتقديم بينة الجرح:
النكتة الأولى - دعوى أن الشهادة بالعدالة لا تدل على أكثر من حسن الظاهر. وهذه النكتة لا تأتي - فيما لو صرحت بينة التزكية - لنفي السبب الجارح، فإن هذا ظاهر في أن بينة التزكية لم تكتف في نفي هذا السبب بمجرد حسن الظاهر.
والنكتة الثانية - سقوط كاشفية التزكية أمام الجرح دون العكس، وهذه النكتة أيضا قد تنتفي عندما تصرح البينة بنفي السبب الجارح، فتتساوى الشهادتان.
والأولى عندي أن لا يجعل مصب التفصيل عنوان نفي السبب الجارح وعدمه، بل يجعل مصب التفصيل نفس هاتين النكتتين، فيقال: متى ما كانت بينة التزكية لا تشهد على أكثر من حسن الظاهر عملنا ببينة الجرح، ولا تعارض بينهما في الحقيقة، ومتى ما كانت تشهد بواقع العدالة فعندئذ لو كان وضع التقابل بين البينتين بشكل تنتفي معه كاشفية بينة التزكية عند العقلاء دون بينة الجرح قدمت بينة الجرح، وإلا فلا، ومما يؤثر أحيانا في تحقيق هذا العنوان وعدمه نفي بينة التزكية للسبب الجارح وعدمه.
وأما الترجيح بالعدد والأعدلية - فلا دليل عليه لخصوص ما نحن فيه، فإن قلنا بشكل عام بالترجيح في البينات المتعارضة - ولو بالتعدي من موارد روايات الباب 46 من الشهادات من المجلد الثامن عشر من الوسائل وبعضها تام السند، وبعض روايات أخرى كالرواية الأولى والخامسة من الباب 12 من كيفية الحكم من نفس المجلد - ثبت الترجيح في المقام أيضا وإلا فلا والترجيح لو قلنا به، يجب أن يكون في مورد لم نبن على تقديم بينة الجرح، لا بدعوى أن بينة التزكية لا تدل على أكثر من حسن الظاهر، ولا بدعوى سقوط كاشفية بينة التزكية.