أقول: لعله يقصد أننا لو حملنا التعليل على المعنى العام لزم تخصيص الأكثر، وإلا فمجرد خروج مورد عن عموم التعليل بالقطع لا يستلزم عدم التمسك به في مورد الشك.
وعلى أي حال فقد مضى منا بيان أن هذا ليس تعليلا بوصف ثابت لمورد الحكم كي يفيد العموم والإطلاق، بل هو ذكر لحكمة ومصلحة مترتبة على الحكم، وقلنا: إن هذا لا يفيد عموما أو إطلاقا. إلا أن حديث سماعة بنفسه مطلق في المقام بلا حاجة إلى التمسك بعموم التعليل، حيث قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن شهادة أهل الملة. قال: فقال: لا تجوز إلا على أهل ملتهم، فإن لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم على الوصية، لأنه لا يصلح ذهاب حق أحد. " وهذا - كما ترى - غير مقيد بكون المسلم في أرض غربة.
ولعل السيد الخوئي يقصد أن الآية والروايات الأخرى تقيد هذا الإطلاق بناء على أنه إذا تعارض المفهوم وإطلاق المنطوق، قدم المفهوم على الإطلاق، وبدعوى أن هذا لا يتأتى في عموم التعليل لقوة إطلاقه، فهو الذي يتقدم على المفهوم، أما إذا لم نقل بذلك، وقلنا: إن المفهوم يتقدم على إطلاق المنطوق لأخصيته ولو كان الإطلاق مستفادا من التعليل، فنقاشه في مسألة عموم التعليل يبقى بلا فائدة، لأن الحديث - كما قلنا - مشتمل على الإطلاق سواء نظرنا إلى ما فيه من التعليل أو لا.
وعلى أي حال فالصحيح هو عدم اشتراط كونه بأرض غربة عملا بالإطلاق الذي عرفت، وأما الآية والروايات التي جاءت فيها فرضية الضرب في الأرض، أو الكون بأرض غربة، فلا أقل من إجمالها وعدم ظهورها في القيدية للحكم، وذلك لقوة مناسبتها للورود مورد الغالب، وللمثالية، إذ عادة لا يتفق للمسلم المفروض به أنه يعيش في بلد المسلمين أن لا يحصل على شهود مسلمين، إلا إذا كان بأرض غربة.